فكذلك محصّل ذلك الدليل اللفظي هو أنّه لا يريد إكرام العالم لو كان فاسقا ، وكما يقال إنّ قوله لا تكرم فسّاق العلماء منوّع ، فكذلك يقال إنّ القطع بأنّه لا يريد إكرام العدو منوّع للعام ، بمعنى أنّا نقطع بأنّه لا يريد العدو منهم وأنّه يريد الصديق منهم أو غير العدو.
ومن ذلك كلّه تعرف أنّه لا أثر في الجهة التي نحن فيها لوجود الحجّة اللفظية الخاصّة في قبال العام ، لأنّ المدار إنّما هو على كون المتكلّم لا يريد ذلك البعض ، لا على خصوص وجود حجّة لفظية أخرى على خلافه.
ومن ذلك يظهر لك التأمّل في قوله قدسسره : فإنّه على الحكيم إلقاء كلامه على وفق غرضه ومرامه ، فلا بدّ من اتّباعه ما لم تقم حجّة أخرى على خلافه ، الخ (١). حيث قد ظهر لك أنّه لا خصوصية لقيام حجّة أخرى ، بل المدار على حصول العلم أو ما يقوم مقامه على أنّ المتكلّم لم يرد ذلك الخاص.
ولو قيل : إنّ القطع بأنّه لا يريد إكرام عدوّه لا يوجب القطع بأنّه لا يريد المشكوك ، وحينئذ يكون العام محكّما فيه لعدم وجود حجّة أخرى في خلافه.
لقلنا : إنّ قيام الحجّة اللفظية على أنّه لا يريد الفاسق الواقعي لا يوجب قيام الحجّة على أنّه لا يريد هذا المشكوك ، وما هو إلاّ الاحتمال وهو متحقّق في المقامين ، وكما أنّ إسقاط أصالة العموم في مشكوك الفسق لكونها لا تدفع تخصيصا زائدا ، فكذلك هي في مشكوك العداوة أيضا لا تدفع إخراجا زائدا على ما علمناه من أنّه لا يريد إكرام العدو. ولعلّ المراد هو أنّ القطع بأنّه لا يريد العدو يوجب خروج من قطع بعداوته من جهة كونه مقطوع الخروج ، وبعبارة أخرى أنّ الخارج هو المقيّد بالقطع ، وحينئذ يكون مشكوك العداوة بمنزلة مشكوك القطع
__________________
(١) كفاية الأصول : ٢٢٣.