بالخوف ، إذ لا يجتمع الانحصاران ، فكذلك إطلاق الأولى في إثبات استقلال السفر يعارض إطلاق الثانية في إثبات استقلال الخوف. وإن شئت فقل : إنّ إطلاق وجوب القصر في الأولى من جهة إثبات أنّ الوجوب غير مقيّد بالخوف معارض لما أفادته الثانية من تقييده بالخوف ، كما أنّ إطلاق الوجوب في الثانية من جهة إثبات أنّ الوجوب غير مقيّد بالسفر معارض لما أفادته الأولى من كونه مقيّدا بالسفر ، وحينئذ يكون إطلاق الوجوب في كلّ منهما بالنسبة إلى الشرط في الأخرى معارضا لاطلاقه بالأخرى بالنسبة إلى الشرط فيها ، وحينئذ يكون الاطلاقان المذكوران متنافيين.
وجلّ غرضنا من هذه الاطالة هو بيان أنّ شيخنا قدسسره بنى أخيرا على تحقّق التزاحم بين الاطلاق المقتضي للانحصار المبني على نفي احتمال العطف بأو ، وبين الاطلاق المقتضي لاستقلال الشرط المبني على نفي احتمال العطف بالواو ، لأنّا لا بدّ لنا في مثل هذه القضايا من إسقاط أحد الاطلاقين ، وحيث إنّهما في عرض واحد ولا ترجيح في البين ، كان الحاصل حينئذ هو عدم حجّية كلّ منهما ، ويكون اللازم هو الأخذ بالقدر المتيقّن ، وهو أنّه عند اجتماع الشرطين يكون الحكم فعليا لا محالة ، وفيما عداه يكون المرجع هو الأصول العملية ، وهي البراءة من ذلك الوجوب مثلا ، على إشكال في ذلك.
والذي هو محلّ التأمّل ممّا أفاده شيخنا قدسسره هو كون الاطلاقين في عرض واحد ، لامكان القول بتقدّم إسقاط الاطلاق المقتضي لعدم العطف بالواو ، وذلك الاطلاق هو إطلاق الوجوب الذي ذكرناه في الطريق الثاني ، فإنّ الوجوب في قوله : ( إذا سافرت وجب القصر ) وإن كان من حيث انضمام الخوف مطلقا ، لكنّه بعد أن فرضناه حكما واحدا في كلّ من القضيتين ، يكون إطلاقه من ناحية