الغناء المشتمل على كلّ من الترجيع والإطراب ، فيبقى الواجد لأحدهما داخلا تحت عموم « كلّ شيء لك حلال » ، وبناء على سراية الإجمال إلى العام في الشبهة المفهومية ينبغي القول بسقوط البراءة في صورة اجمال النصّ.
وأجاب أوّلا بالمنع من السراية في الشبهة المفهومية. وثانيا بالفرق بين البابين فإنّ المخصّص في الأصول اللفظية يوجب تقيّد موضوع العام ، وهذا بخلاف الدليل في قبال الأصل العملي ، فإنّ الدليل الدالّ على حرمة الغناء لا يوجب تقييدا في موضوع الأصل وإنّما يوجب ارتفاعه (١).
والذي حرّرته عنه قدسسره هناك في مقام بيان الفرق بين البابين : هو أنّ باب التخصيص في قبال الأصل اللفظي يكون كلّ من العام والدليل الوارد على خلافه من سنخ واحد ، فيضمّ أحدهما إلى الآخر ، ويكون النتيجة هي تقييد العام واقعا ، فيوجب ذلك سقوطه عن الحجّية ، بخلاف الدليل في قبال الأصل العملي فإنّه ليس من سنخه فلا يمكن انضمامه إليه ، بل يكون الدليل واردا على الأصل العملي ، فلا ينضمّ إليه كي يسري إجماله منه إليه (٢).
__________________
(١) أجود التقريرات ٣ : ٣٤٤.
(٢) ومن جملة القائلين بجواز التمسّك بالعموم في الشبهة المصداقية المرحوم السيّد محمّد كاظم اليزدي قدسسره وقد تعرّض لذلك في كتاب الربا من ملحقات العروة [ العروة الوثقى ( مع تعليقات عدّة من الفقهاء ) ٦ : ٣٤ مسألة ١٥ ] فراجعه.
نعم في بعض تحريراته قدسسره ربما يظهر منه المنع ، فقال في رسالته في منجّزات المريض في مقام الردّ على الجواهر ، وفيه ما بيّن في محلّه من أنّ العمومات ليست متكفّلة لبيان حال الموضوعات ولا لبيان الأحكام الظاهرية والواقعية معا كما هو لازم التمسّك بها في الشبهات المصداقية كما لا يخفى [ رسالة في منجّزات المريض ( المطبوعة مع حاشية المكاسب الطبعة الحجرية ) : ٩ ].