إكرامه ، ففيه أنّ هذه الكلّية إنّما نسلّم كلّيتها إذا لم يوجد في قبالها الدليل القائل لا تكرم زيدا المفروض أنّا نحتمل كونه عالما ، ومع وجود هذا الاحتمال لا يثبت عندنا أنّ كلّ عالم يجب إكرامه ، وهذا الاحتمال لا يمكن طرده إلاّ بأصالة العموم المفروض توقّفنا في إجرائها في إحراز كون زيد المذكور ليس بعالم ، إذ لو لم نتوقّف في ذلك كانت أصالة العموم بنفسها مثبتة لكونه غير عالم من دون حاجة إلى تكلّف الاستدلال بعكس النقيض.
ولعلّ ذلك هو المراد بما أفاده بقوله : ولكن نقول إنّ ذلك اللازم ( يعني عكس النقيض ) إنّما يترتّب في فرض حجّية أصالة العموم لاثبات لازم المدلول ( وهو أنّ زيدا المذكور ليس بعالم ) وإلاّ فلا يكون لنا طريق إلى هذه الكلّية المحكوم عقلا من اللوازم الخ (١) ، وإن كانت العبارة المذكورة قاصرة عن إفادة هذا المعنى.
وعلى كلّ حال ، لا حاجة إلى ما التزم به من التفكيك في الحجّية بين الأصل وعكس نقيضه ، بقوله : فلا محيص لهم في أمثال هذه القضايا الظنّية التعبّدية من التفكيك بين حجّية الظنّ في أصله دون عكس نقيضه الخ (٢) ، مع أنّ التفكيك في حجّية الظهور بين الأصل ولازمه الذي هو عكس نقيضه غير ممكن ، لأنّ الملازمة عقلية فإذا ثبتت الكلّية في الأصل ثبتت في لازمه العقلي بالضرورة ، فتأمّل.
ولعلّ مراد المستدلّ بعكس النقيض هو أنّا نلتزم باختصاص حجّية أصالة العموم بمورد الشكّ في الخروج عن الحكم بعد إحراز الموضوع ، ونلتزم بأنّ الأصل وهو أنّ كلّ عالم واقعي واجب الاكرام باق على عمومه ، وأنّه لم يخرج منه
__________________
(١) مقالات الأصول ١ : ٤٥٠ ـ ٤٥١.
(٢) مقالات الأصول ١ : ٤٥١.