عدم حجّية أصالة العموم في هذا المقام ، لأنّها ليست بحجّة في إثبات الآثار لكلّ فرد من أفراد العالم الواقعي ، هذا إن أرجعنا قوله « واقعا » إلى افراد العنوان ، وإن أرجعناه إلى الآثار يكون معناه أنّه لا يثبت الآثار الواقعية ، وإن أرجعناه إلى الاثبات يكون معناه أنّها لا تثبت الآثار إثباتا واقعيا. وكلّ من هذه الوجوه لا محصّل له ـ كما أفاده ـ إلاّ عدم حجّية أصالة العموم حتّى في مقام الشكّ في الخروج عن الحكم مع فرض إحراز كون المشكوك من أفراد العام. مضافا إلى أنّ ذلك لا دخل له بعدم حجّية الأصل فيما نحن فيه.
وعلى كلّ حال ، لا أظنّ أحدا يتفوّه بذلك ، ولعلّه يشير بذلك إلى ما عن شيخنا قدسسره في هذا التحرير فيما لو قال لا تكرم زيدا ، وتردّد زيد المذكور بين كون المراد منه هو زيدا العالم ، أو كون المراد منه هو زيدا الجاهل ، فيتولّد من ذلك العلم الاجمالي بحرمة إكرام أحدهما ، وأصالة العموم حاكمة بأنّ المراد منه هو زيد الجاهل ، فإنّه قدسسره قال : وربما يقال إنّ أصالة العموم لا تكون موجبة لانحلال العلم الاجمالي ، فإنّ دليل العموم إنّما هو بمنزلة الكبرى الكلّية الغير المتكفّلة لحال فرد ، وليس حاله حال البيّنة ، إلى أن قال : وأمّا دليل العام فحيث إنّه لا نظر له إلى خصوص فرد ، فلا يكون موجبا لانحلال العلم الاجمالي ، إلى أن قال : ولكنّه لا يخفى أنّ دليل العام وإن لم يكن متكفّلا لحكم خصوص فرد ابتداء ، إلاّ أنّه يثبت له الحكم بعد انضمام الصغرى إلى الكبرى الخ (١).
فحمل الأستاذ قدسسره هذه الجمل من شيخنا قدسسره على أنّ أصالة العموم لا تثبت الآثار للأفراد الواقعية ، فأورد عليه ما أورد. ولكن لا يخفى أنّ هذه الجمل لا دخل لها في هذه الجهة ، وإنّما المراد منها هو أنّ أصالة العموم لا تتضمّن إلاّ حكما
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٣١٨ ( بعض الفقرات نقلت بالمضمون ).