الصورة الثالثة : ما يكون مردّدا بين عالم وجاهل والشبهة مفهومية ، بأن يكون من سمّي بزيد شخصين أحدهما المعيّن عالم والآخر جاهل ، ولم يعلم المراد به منهما. وهذه الصورة تقدّم الكلام فيها منه قدسسره (١) وأفاد أنّه يجري العموم في حقّ العالم منهما ويوجب انحلال العلم الاجمالي. ولا يخفى أنّ العلم الاجمالي بحرمة إكرام أحدهما إنّما يكون إذا كان مفاد دليل التخصيص هو الحرمة ، أمّا إذا كان مفاده هو مجرّد عدم الوجوب فلا يكون في البين علم إجمالي ، ويجري العموم حينئذ في حقّ العالم بلا كلام ، لكونه بالنسبة إليه من قبيل الشكّ في التخصيص ، مع عدم تحقّق العلم الاجمالي الذي قد تخيّل أنّه مزاحم للعام.
الصورة الرابعة : ما يكون أيضا مردّدا بين عالم وجاهل لكن تكون الشبهة مصداقية ، بأن لا يكون لنا إلاّ شخص واحد معيّن مسمّى بزيد وكان عالما ، وهو المراد بقوله لا تكرم زيدا ، لكن لبعض العوارض اشتبه بشخص جاهل ، بحيث إنّهما حضرا أمامنا ولم نعرف أنّ أيّهما هو زيد المذكور. وفي هذه الصورة لا ريب في سقوط العموم في كلّ من الشخصين المزبورين ، وبعد الرجوع إلى الأصول العملية يكون كلّ منهما غير محتمل الوجوب ، لكن إن كان مفاد الدليل الخاص هو التحريم وجب الاجتناب عنهما ، للعلم الاجمالي بحرمة إكرام أحدهما. وإن لم يكن مفاده إلاّ مجرّد عدم الوجوب فلا أثر للشبهة أصلا. هذا إذا كان المراد بقوله لا تكرم زيدا ، هو زيدا العالم وحصل الاشتباه المذكور.
وإن كان المراد منه هو زيدا الجاهل واشتبه زيد المذكور ببعض أفراد العلماء اشتباها خارجيا ، بحيث لم نعرف أنّ أيّهما هو زيد المذكور ، فلا ريب في
__________________
(١) في الأمر الأوّل من أجود التقريرات ٢ : ٣١٨.