فإنّ هذه الرواية تأمر بالترجيح بالشهرة وبموافقة الكتاب ومخالفة العامّة ومخالفة ميل الحكّام ، ولكنّه إستشكل فيها سنداً ودلالة :
أمّا السند فلعمر بن حنظلة حيث إنّه لم يوثّق في كتب الرجال ، نعم نقل المحقّق المامقاني رحمهالله لتوثيقه روايتين :
إحديهما : ما رواه يزيد بن خليفة قال : قلت لأبي عبدالله عليهالسلام أنّ عمر بن حنظلة أتانا عنك بوقت فقال أبو عبدالله عليهالسلام « إذاً لا يكذب علينا ... قال : صدق » (١).
ثانيهما : ما رواه عمر بن حنظلة نفسه عن أبي عبدالله عليهالسلام في جواب السؤال عن القنوت يوم الجمعة قال عليهالسلام « أنت رسولي إليهم ... » (٢) ، حيث إنّ رسالته عن الصادق عليهالسلام دليل على أنّ له شأناً من الشأن.
هذا ـ مضافاً إلى حكاية المجلسي رحمهالله في روضة المتّقين (٣) عن الشهيد الثاني رحمهالله أنّه وثّقه في الدراية.
ولكن مع ذلك كلّه لا يتمّ السند بعد ، لأنّ يزيد بن خليفة مجهول الحال في علم الرجال ، والرواية الثانية راويها نفس عمر بن حنظلة فالاستدلال به دوري ، وأمّا توثيق الشهيد الثاني رحمهالله فلعلّ مبناه هاتان الروايتان نفسهما ، فمن البعيد أنّه وصل إليه ما لم يصل إلى غيره ، مضافاً إلى أنّه نفسه صرّح في درايته ، بوجود مجاهيل اخرى في الرواية منه محمّد بن عدي وداود بن حسين ، والعجب منه أنه قال : عمر بن حنظلة لم ينصّ الأصحاب فيه بجرح ولا تعديل لكن أمره عندي سهل لأنّي حقّقت توثيقه من محلّ آخر وإن كانوا قد أهملوه » (٤).
وياليته أشار إلى طريقه فإنّه لا يصحّ لنا الحكم بالمجهول.
إن قلت : « إنّ الصحيح بناءً على القاعدة المختارة في الرجال ( من توثيق من ينقل عنه أحد الثلاثة ) صحّة سندها ، وذلك باعتبار أنّه يمكن توثيق يزيد بن خليفة بهذه القاعدة حيث قد
__________________
(١) وسائل الشيعة : الباب ٥ ، من أبواب مواقيت الصّلاة ، ح ٦.
(٢) المصدر السابق : الباب ٥ ، من أبواب القنوت ، ح ٥.
(٣) روضة المتّقين : ج ٦ ، ص ٢٧ ، طبعة مطبعة العلمية.
(٤) كتاب الدراية : ص ٤٤ ، طبعة مطبعة النعمان ـ النجف.