منها : مقبولة عمر بن حنظلة قال : سألت أبا عبدالله عليهالسلام عن رجلين من أصحابنا بينهما منازعة في دين أو ميراث فتحاكما إلى السلطان وإلى القضاة أيحلّ ذلك؟ قال : من تحاكم إليهم في حقّ أو باطل فإنّما تحاكم إلى الطاغوت ، وما يحكم له فإنّما يأخذ سحتاً وإن كان حقّاً ثابتاً له ، لأنّه أخذه بحكم الطاغوت وما أمر الله أن يكفر به ، قال الله تعالى : ( يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ ) ، قلت : فكيف يصنعان؟ قال : ينظران من كان منكم ممّن قد روى حديثنا ونظر في حلالنا وحرامنا وعرف أحكامنا فليرضوا به حكماً فإنّي قد جعلته عليكم حاكماً فإذا حكم بحكمنا فلم يقبل منه فإنّما إستخفّ بحكم الله وعلينا ردّ ، والرادّ علينا رادّ على الله وهو على حدّ الشرك بالله ، فإن كان كلّ واحد اختار رجلاً من أصحابنا فرضيا أن يكون الناظرين في حقّهما واختلفا فيما حكما وكلاهما اختلفا في حديثكم ( حديثنا ) فقال : الحكم ما حكم به أعدلهما وأفقههما وأصدقهما في الحديث وأورعهما ولا يلتفت إلى ما يحكم به الآخر. قال : فقلت : فإنّهما عدلان مرضيّان عند أصحابنا لا يفضّل ( ليس يتفاضل ) واحد منهما على صاحبه؟ قال : فقال : ينظر إلى ما كان من روايتهما عنّا في ذلك الذي حكما به المجمع عيه عند أصحابك فيؤخذ به من حكمنا ويترك الشاذّ الذي ليس بمشهور عند أصحابك فإنّ المجمع عليه لا ريب فيه ، وإنّما الامور ثلاثة أمر بيّن رشده فيتّبع وأمر بيّن غيّه فيجتنب وأمر مشكل يردّ علمه إلى الله وإلى رسوله ، قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : حلال بيّن وحرام بيّن وشبهات بين ذلك فمن ترك الشبهات نجى من المحرّمات ومن أخذ بالشبهات إرتكب المحرّمات وهلك من حيث لا يعلم ، قلت : فإن كان الخبران عنكم مشهورين قد رواهما الثقات عنكم؟ قال : ينظر فما وافق حكمه حكم الكتاب والسنّة وخالف العامّة فيؤخذ به ويترك ما خالف حكمه حكم الكتاب والسنّة ووافق العامّة ، قلت : جعلت فداك إن رأيت إن كان الفقيهان عرفا حكمه من الكتاب والسنّة ووجدنا أحد الخبرين موافقاً للعامّة والآخر مخالفاً لهم بأي الخبرين يؤخذ؟ فقال : ما خالف العامّة ففيه الرشاد ، فقلت : جعلت فداك فإن وافقها الخبران جميعاً؟ قال : ينظر إلى ما هم إليه أميل حكّامهم وقضاتهم فيترك ويؤخذ بالآخر ، قلت : فإن وافق حكّامهم الخبرين جميعاً قال : إذا كان ذلك فارجه حتّى تلقى إمامك فإنّ الوقوف عند الشبهات خير من الإقتحام في الهلكات » (١).
__________________
(١) الوافي : ج ١ ، أبواب العقل والعلم ، باب اختلاف الحديث والحكم ، ص ٢٨٥ ـ ٢٩٠ ح ١٣ ، طبعة مكتبة الإمام أمير المؤمنين علي عليهالسلام.