أحدها : أن يكون المولى قادراً على البيان وإلاّ لو كان المولى محبوساً مثلاً غير قادر على بيان غرضه والعبد يعلم به أو يحتمله فلا يكون عند العقلاء مرخّصاً بالإعتذار بعدم البيان.
ثانيها : أن لا يكون المورد من المسائل الهامّة الأساسية كما إذا دخل في دار المولى من يحتمل أن يكون هلاك المولى بيده ، فعلى العبد منعه بكلّ ما يقدر عليه وإن لم يصدر من المولى بيان فيه.
ثالثها : أن يكون المورد من الموارد التي ممنوعها أقلّ من مجازها ، وواجبها أقلّ من مباحها ، وإلاّ لو كان مشكوك الحرمة من الحيوانات البحرية مثلاً التي أكثرها حرام ، فلعلّ بناء العقلاء لم يستقرّ على البراءة في أمثالها ، فإنّ الظاهر أنّ بناء العقلاء نشأ من كون الواجبات والمحرّمات في مقابل المباحات قليلاً جدّاً فالمحتاج إلى البيان إنّما هو الواجبات والمحرّمات ، ولو إنعكس الأمر في مورد وكانت محرّماته أكثر من مباحاته لم يكن لهم بناءً على البيان فيه ، ولا أقلّ من الشكّ وعدم ثبوت بناءٍ في أمثال المقام ، ومعه لا يصحّ الاستدلال به.
رابعها : أن يكون من المسائل المبتلى بها ، فلو كان الإبتلاء نادراً في مورد لكان الحكم باستقرار بنائهم عليه مشكل فيه جدّاً.
ثمّ إنّ هيهنا إشكالاً معروفاً ، وهو أنّ قاعدة قبح العقاب بلا بيان مورودة لقاعدة وجوب دفع الضرر ، فيكفي في البيان حكم العقل بوجوب دفع الضرر المحتمل ، فإنّ الشكّ في التكليف يلازم الشكّ في الضرر ، والعقل يستقلّ بلزوم دفع الضرر المحتمل فهو بيان عقلي فيرتفع موضوع حكم العقل بقبح العقاب بلا بيان.
واجيب عنه بوجوه :
منها : أنّ المراد بالضرر ( الذي هو موضوع القاعدة ) أمّا الضرر الدنيوي وأمّا الضرر الاخروي ، والمقصود بالضرر الاخروي أمّا العقاب الموعود من جانب الشارع جزاءً للأعمال ، وأمّا الآثار الوضعيّة القهريّة للعمل التي يعبّر عنه بتجسّم الأعمال ، فإن كان المراد العقاب الاخروي بالمعنى الأوّل فلا موضوع لهذه القاعدة في المقام لأنّ احتمال التكليف لا يلازم احتمال العقاب بل الملازمة إنّما هى ثابتة بين التكليف الواصل واستحقاق العقوبة على مخالفته لالانّه مع عدم وصول التكليف والبيان يستقلّ العقل بقبح العقاب ، وبه لا يثبت موضوع قاعدة دفع