على وفقه ليس لأجل أن لا يلزم نقضه به بل من جهة لزوم العمل بالحجّة » (١).
وأورد عليه المحقّق الأصفهاني رحمهالله في تعليقته على الكفاية بما حاصله : أنّ الأمارة « إمّا أن تكون حجّة من باب الموضوعيّة والسببيّة وإمّا أن تكون حجّة من باب الطريقيّة ، فإن كانت حجّة من باب الموضوعيّة ( أي توجب الأمارة حصول مصلحة في موردها وإن لم تكن لها مصلحة واقعاً ) فحينئذٍ وإن كان الحكم الفعلي هو مؤدّى الأمارة ولكنّه لا ينافي انحفاظ الحكم الفعلي المطلق ( الحكم الإنشائي ) بقوّته ، فاحتمال وجود حكم مخالفٍ لمؤدّى الأمارة في الواقع باقٍ على حاله ، ومعه لا ورود ، إذ كما يكون الاحتمال محفوظاً مع حكم نفسه كذلك مع الحكم المجعول بسبب الأمارة ، وإن كانت حجّة من باب الطريقيّة ، فأيضاً لا يرتفع احتمال الحكم الواقعي ، سواء كانت الحجّية حينئذٍ بمعنى جعل الحكم المماثل أو بمعنى منجّزية الأمارة للواقع ، لأنّه على الأوّل يكون الحكم مقصوراً على صورة الموافقة للواقع ، فلا يقين بالحكم ليرتفع احتمال الحكم الواقعي ، وعلى الثاني لا حكم مماثل مجعول أصلاً ليكون اليقين به رافعاً لاحتمال الحكم » (٢).
أقول : الصحيح ما ذهب إليه المحقّق الخراساني رحمهالله ، وأنّ ما أورده عليه المحقّق الأصفهاني رحمهالله ممّا لا يمكن المساعدة عليه من جهتين :
الاولى : ما مرّ سابقاً من أنّ الأمارة أيضاً توجب حصول العلم واليقين العرفي ، ولعلّ هذا هو مراد المحقّق الخراساني رحمهالله حيث عبّر عمّا يحصل بالأمارة باليقين ، والشاهد عليه أنّ أكثر القضايا المتيقّنة السابقة نتيقّن بها من طريق الأمارات.
وإن شئت قلت : كما أنّه لا فرق في حصول اليقين السابق بين الحاصل من طريق الأمارة أو العلم القطعي الوجداني ، كذلك لا فرق في نقضه بيقين آخر بين ما يحصل من الوجدان وما يحصل من الأمارة.
الثانية : أنّ مفاد الأمارة وإن كان ظنّياً ولكنّه ينتهي إلى اليقين ، حيث إنّ دليل حجّيته قطعي ، فنقض اليقين السابق ورفع اليد عنه بالأمارة يكون بالمآل من مصاديق نقض اليقين باليقين لا نقض اليقين بالشكّ ، فتأمّل.
__________________
(١) الكفاية : ص ٤٢٩ ، طبع مؤسسة آل البيت.
(٢) راجع نهاية الدراية : ج ٥ ـ ٦ ، ص ٢٣٨ ، طبع مؤسسة آل البيت.