بنبوّة محمّد صلىاللهعليهوآله ، وحينئذٍ لا يبقى لنا شكّ بالنسبة إلى نبوّة نبيّنا إذا لاحظنا العلامات التي ذكرها عيسى عليهالسلام لتشخيص نبوّة محمّد صلىاللهعليهوآله ، فلا يمكن التفكيك بين نبوّة عيسى عليهالسلام ونبوّة محمّد صلىاللهعليهوآله ودعوى اليقين بأحدهما دون الآخر.
نعم ، قد ورد في ذيل الكلام المزبور : « وكافر بنبوّة كلّ عيسى لم يقرّ بنبوّة محمّد وكتابه » ولكنّه محمول على صدره ويفسّر به ، فالمراد من هذه العبارة كون الاعتراف بنبوّة عيسى عليهالسلام ( وهو وجود شخصي ) مقيّداً بإخباره عن نبوّة محمّد صلىاللهعليهوآله ولا يمكن العكس بأن يجعل الذيل تفسيراً للصدر لما هو المعلوم من الخارج أنّ عيسى عليهالسلام كان جزئياً حقيقياً.
بقي هنا شيء :
وهو تحقيق في كلام المحقّق الخراساني رحمهالله في المقام ، الذي يتلخّص في ثلاث مقامات :
الأوّل : في أنّه لا فرق في جريان الاستصحاب وحجّيته بين أن يكون المستصحب من الأحكام الفرعيّة أو الموضوعات الخارجيّة أو اللغويّة ( إذا كانت ذات أحكام شرعيّة ) وبين أن يكون من الامور الإعتقاديّة التي كان المهمّ فيها شرعاً هو الانقياد والتسليم والإعتقاد ( بمعنى عقد القلب عليها ) أي من الأعمال القلبيّة الاختياريّة ، لأنّ ذاك من أعمال الجوارح وهذا من أعمال الجوانح ، فلا إشكال في جريان استصحاب في كليهما موضوعاً وحكماً فيما إذا كان هناك يقين سابق وشكّ لاحق.
إن قلت : إنّ الاستصحاب أصل عملي فيجب إجراءه في الفروع العمليّة ولا معنى لإجرائه في الامور الإعتقاديّة.
قلنا : أنّ معنى كونه أصلاً عملياً أنّه وظيفة للشاكّ تعبّداً في ظرف شكّه وتحيّره في قبال الأمارات الحاكيّة عن الواقع الرافعة للشكّ ولو تعبّداً لا أنّه يختصّ بالفروع العمليّة المطلوب فيها عمل الجوارح ، بل يعمّ عمل الجوانح أيضاً إذا تمّ فيها أركانه.
نعم ، في الامور الإعتقاديّة التي كان المهمّ فيها شرعاً وعقلاً هو القطع بها ومعرفتها ( لا خصوص الانقياد والتسليم القلبي ) فلا مجال للاستصحاب موضوعاً بل يجري حكماً ، فلو كان متيقّناً بوجوب تحصيل القطع بشيء ( كتفاصيل القيامة ) في زمان وشكّ في بقاء وجوبه ، يستصحب بقاء الوجوب ، وأمّا لو شكّ في حياة إمام زمانه مثلاً فلا يستصحب ، لأنّ الواجب