يتطرّق إليها الشكّ ) وأنّ الإتّصال في أمثال المقام حاصل بالوجدان ، مدفوع بما مرّ أيضاً من أنّ الاعتبار بوجود المتيقّن والمشكوك ، وبملاحظة زمانهما تحصل شبهة الانفصال ، فراجع ما مرّ منّا في تعاقب الحادثتين.
أمّا القول الرابع : وهو الأخذ بضدّ الحالة السابقة فالوجه فيه هو القطع بارتفاع الحالة السابقة بوجود ما هو ضدّها قطعاً ، والشكّ في ارتفاعه لاحتمال وجوده بعد وجود الحادث الآخر الموافق للحالة السابقة ، فيكون مجرى للاستصحاب.
ولكن يرد عليه : أنّه أشبه بالمغالطة ، لأنّه كما أنّ ضدّ الحالة السابقة وجد قطعاً وهو مشكوك الارتفاع ، كذلك الحادث الآخر الموافق للحالة السابقة ، فإنّه أيضاً قطعي الوجود ومشكوك الارتفاع فيستصحب. ويقع التعارض ويتساقطان.
ثمّ إنّ بعض الأعاظم اختار هذا المذهب ( أي الأخذ بضدّ الحالة السابقة ) في جميع صور المسألة إلاّفيما إذا لم يكن معلوم التاريخ ضدّ الحالة السابقة ، حيث قال : « والتحقيق عندي هو قول المحقّق رحمهالله في مجهولي التاريخ والتفصيل في معلومه بأنّه إن كان معلوم التاريخ هو ضدّ الحالة السابقة فكالمحقّق رحمهالله (١) ، وإلاّ فكالمشهور ، وإن ينطبق المسلكان نتيجة أحياناً.
أمّا في مجهولي التاريخ فلأنّ الحدث أمر واحد له أسباب كثيرة ، وتكون سببيّة الأسباب الكثيرة للشيء الواحد سببيّة اقتضائيّة ، بمعنى أنّ كلّ سبب يتقدّم في الوجود الخارجي صار سبباً فعليّاً مؤثّراً في حصول المسبّب ، وإذا وجد سائر الأسباب بعده لم تتّصف بالسببية الفعلية ... فإذا كان المكلّف متيقّناً بكونه محدثاً في أوّل النهار فعلم بحدوث طهارة وحدث بين النهار ، وشكّ في المتقدّم والمتأخّر ، يكون استصحاب الطهارة المتيقّنة ممّا لا إشكال فيه ، ولا يجري استصحاب الحدث ، لعدم تيقّن الحالة السابقة لا تفصيلاً ولا إجمالاً ، فإنّ الحدث المعلوم بالتفصيل الذي كان متحقّقاً أوّل النهار قد زال يقيناً ، وليس له علم إجمالي بوجود الحدث إمّا قبل الوضوء أو بعده لأنّ الحدث قبل الوضوء معلوم تفصيلي ، وبعده مشكوك بالشكّ البدوي ... هذا حال مجهولي التاريخ ، وأمّا إذا جهل تاريخ الحدث وعلم تاريخ الطهارة مع كون الحالة السابقة هو الحدث فاستصحاب الحدث لا يجري ، لعين ما ذكرنا في مجهولي التاريخ من عدم
__________________
(١) ونسب في بعض الكلمات إلى العلاّمة في المختلف بل في أكثر كتبه لزوم الأخذ بوفق الحالة السابقة على الحالتين إن كانت معلومة لنا ، ولكنّه لا يعلم له وجه وجيه.