واخرى ينتزع من الشيء بملاحظة إتّصافه بأمر ليس بحذائه شيء في الخارج ، ويكون من الخارج المحمول لا بضميمة شيء كوصف الممكن للإنسان.
وثالثاً : ينتزع من الشيء بملاحظة اتّصافه بعرض من الأعراض بحيث يكون من الامور الحقيقيّة المتأصّلة التي بحذائها شيء في الخارج غير معروضها ، وإن كان وجوده في ضمن وجود معروضه وكان من المحمول بالضميمة ، كما في الأسود والأبيض والقاعد والقائم ونحو ذلك.
هذه أقسام ثلاثة للكلّي.
ثمّ نقول : قد يتوهّم أنّه لا يجوز استصحاب الفرد وإجراء أحكام الكلّي عليه في جميع الأقسام الثلاثة حتّى القسم الأوّل الذي يكون من الذاتيات ، لأنّ حيثية زيدٍ المستصحب مثلاً غير حيثية كونه إنساناً ، فيكون الجميع من الأصل المثبت.
وقد يقال : بأنّ الاستصحاب مثبت في الأخيرين لا في الأوّل ، لاتّحاد الكلّي فيه مع المستصحب اتّحاداً ذاتياً ، فأثر الكلّي أثر للمستصحب حقيقة.
ويمكن أن يقال بأنّه مثبت في خصوص الأخير ، لأنّ الأثر في كلّ واحد من القسمين الأوّلين يكون لنفس المستصحب واقعاً ، حيث لا يكون بحذاء ذلك العنوان الكلّي ( المتّحد مع المستصحب وجوداً ) شيء آخر في الخارج غير المستصحب ، بخلاف القسم الثالث لأنّ الأثر فيه ليس لنفس المستصحب واقعاً بل لما هو من اعراضه وهو السواد والبياض والقيام والقعود ونحو ذلك.
أقول : أوّلاً : أنّه لا فائدة في هذا النزاع لأنّه لا حاجة في إثبات آثار الكلّي في هذه الأقسام إلى استصحاب الفرد بعد ما كان نفس الكلّي أيضاً متيقّناً سابقاً ، لأنّ استصحاب نفس الكلّي حينئذٍ يكون جارياً ومغنياً عن استصحاب الفرد.
ثانياً : لو أغمضنا عن ذلك فإنّ الصحيح هو القول الثاني ، أي عدم كون الاستصحاب مثبتاً في الأوّل دون الأخيرين ، لأنّ الكلّي في القسم الأوّل ليس في الواقع من اللوازم العقليّة للمستصحب ، لكونه منتزعاً من مقام ذاته ويكون متّحداً معه ذاتاً ، بخلاف الأخيرين.
٢ ـ أنّه لا فرق في الأثر المستصحب أو المترتّب على المستصحب بين أن يكون حكماً تكليفياً أو حكماً وضعيّاً ، وبتعبير آخر : بين أن يكون حكماً مجعولاً مستقلاً أو مجعولاً تبعاً كالشرطيّة والمانعيّة.