برفع منشأها ، وهو الوجوب الواقعي.
ويمكن أن يقال أيضاً : أنّ حكم العقل في المقام إنّما هو استحقاق المؤاخذة لا فعليتها إذ إنّ الفعليّة من شؤون الشارع والمقنّن ، ولذا نرى صدور أحكام العفو من الولاة والحكّام ومن بيده رحى التشريع والتقنين في كثير من الأحايين والشارع المقدّس أولى منهم بذلك.
الأمر السادس : الآثار المترتّبة على الخطأ والنسيان وسائر العناوين الواردة في الحديث الشريف على قسمين : منها ما يترتّب عليها بما هى هى ، أي يترتّب على العناوين الثانوية كعنوان الخطأ والنسيان ، ومنها ما يترتّب على متعلّقاتها الخارجيّة أي على العناوين الأوّلية ، فإنّ الآثار المترتّبة على نسيان السورة مثلاً على قسمين : قسم يترتّب على نفس السورة كبطلان الصّلاة بتركها ، وقسم يترتّب عليه بما أنّها متعلّقة للنسيان كسجدتي السهو ، والمقصود من الآثار المرفوعة بحديث الرفع إنّما هو القسم الأوّل لا الثاني ، وإلاّ يلزم التناقض في كلام الشارع المقدّس ، لأنّ المفروض كون السهو كالسبب لتشريع سجدتي السهو فكيف يكون رافعاً لهما؟
الأمر السابع : في شمول الحديث للُامور العدميّة وعدمه ، كما إذا نذر أن يشرب من ماء الفرات فاضطرّ إلى تركه أو اكره عليه فلو قلنا بالشمول لم تتحقّق مخالفة النذر فلا حنث ولا كفّارة.
وقد وقع البحث فيه بين الأعلام ، والظاهر من كلمات المحقّق النائيني رحمهالله اختصاصه بالامور الوجوديّة ، واستدلّ لذلك « بأنّ شأن الرفع تنزيل الموجود منزلة المعدوم ، لا تنزيل المعدوم منزلة الموجود ، لأنّ تنزيل المعدوم منزلة الموجود إنّما يكون وضعاً لا رفعاً » (١).
وأجاب عنه في تهذيب الاصول : « بأنّ ترك الشرب بعد ما تعلّق به النذر وصار ذات أثر يكون له ثبوت في عالم الاعتبار ، إذ ما لا ثبوت له ولو بهذا النحو من الثبوت لا يقع تحت دائرة الحكم ولا يصير موضوعاً للوفاء والحنث ... وبعد الثبوت الاعتباري لا مانع من تعلّق الرفع عليه بما له من الآثار » (٢).
أقول : وإن شئت قلت في الجواب : قد وقع الخلط في كلام المحقّق النائيني رحمهالله بين عالم
__________________
(١) راجع فوائد الاصول : ج ٣ ، ص ٣٥٣ ، طبع جماعة المدرّسين.
(٢) راجع تهذيب الاصول : ج ٢ ، ص ١٥٩ ، طبع جماعة المدرّسين.