نعم لا ينبغي الإشكال في شموله لها بناءً على مذاق المشهور من أنّ المراد من الموصول هو الحكم حيث لا حاجة حينئذٍ إلى تقديره.
إن قلت : إنّ الجزئيّة والشرطيّة والمانعيّة من الأحكام الوضعيّة الإنتزاعيّة التي ينتزعها العقل من الأمر المتعلّق بالكلّ أو المتعلّق بنفس الجزء أو الشرط ، أو النهي المتعلّق بالمانع ، وليست من الأحكام الوضعيّة المجعولة الاعتباريّة التي تعتبر من جانب الشارع أو العقلاء ، كالضمان والملكية فإذا لم تكن قابلة للوضع والاعتبار لم تكن قابلة للرفع أيضاً.
قلنا : يمكن للشارع رفعها باعتبار أنّ جعل منشأ انتزاعها ( أي الأمر بالأجزاء والشرائط والنهي عن الموانع ) بيد الشارع.
نعم هنا إشكال آخر بالنسبة إلى الشبهات الموضوعيّة ، وهو أنّه لا يمكن التمسّك فيها بحديث الرفع لتصحيح الصّلاة ، مثلاً لأنّ الإعادة ليست من آثار النسيان حتّى ترفع برفعه ، بل هى من آثار الأمر بالكلّ ، وهو لم يمتثل ، فتجب الإعادة لأن يحصل الإمتثال.
هذا كلّه بالنسبة إلى الأجزاء والشرائط ، وأمّا الموانع فيمكن أن يقال برفع أثرها وهو البطلان بمقتضى حديث الرفع ، والقول بأنّ المانع يرجع إلى شرطيّة عدمه كما ترى.
الأمر الرابع : أنّ حديث الرفع حيث ورد في مقام الإمتنان فلا يجري فيما لم يكن في رفعه منّة على المكلّف كما إذا اضطرّ إنسان إلى بيع داره لإنجاء ولده المريض ، فعدم صحّة بيعه هذا ـ لأنّه ممّا اضطرّ إليه ـ لا يكون منّة عليه بل هو خلاف الإمتنان وهذا واضح ، وإنّما الكلام في منشأ هذا الاستظهار ، فمن أيّ شيء يستفاد أنّ الحديث في مقام الإمتنان؟
قد يقال : أنّه يستفاد من التعبير بـ « عن امّتي » الوارد في الحديث ، حيث لا إشكال في ظهوره في الإمتنان عرفاً ، لكن يمكن أن يستفاد ذلك أيضاً من نفس التعبير بالرفع فإنّ الرفع يستعمل في الموارد التي رفع فيها ثقل وكلفة عن المكلّف لا ما إذا وضع ثقل على عاتقه ، ولا يخفى أنّ بطلان المعاملة في المثال المذكور ممّا يوجب وضع ثقل على أثقاله لا رفعه.
الأمر الخامس : ربّما يستشكل في رفع المؤاخذة بحديث الرفع بأنّ المؤاخذة من الأحكام العقليّة لا من القوانين والأحكام المجعولة من ناحية الشرع حتّى يمكن رفعها بيد الشارع.
ويجاب عنه : بأنّها وإن كانت من الأحكام العقليّة ، ولكن بما أنّ حكم العقل هذا ينشأ من وجوب الاحتياط هو ناشٍ من الحكم الواقعي المجعول من ناحية الشارع فيمكن له رفعها