كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَاطَاقَةَ لَنَا بِهِ ) وقوله : ( إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ ) » (١).
فالظاهر من هذا الحديث والآيات التي استشهد بها فيه اختصاص رفع المؤاخذة أيضاً بهذه الامّة.
إن قلت : العقل حاكم بقبح المؤاخذة على الخطأ والإكراه والاضطرار والنسيان وغيرها ممّا هو خارج عن طاقة الإنسان من دون فرق بين الامم.
قلنا : المعروف في الجواب عن هذا الإشكال أنّ الخطأ والنسيان مثلاً على قسمين : قسم لا يكون الإنسان قادراً على الإجتناب عنه بوجه من الوجوه ، فهذا القسم مرفوع عن جميع الامم ، وقسم آخر يمكن التحفّظ عنه بالمراقبة وإن كان ذات مشقّة ، فهذا القسم لا تكون المؤاخذة عليه قبيحاً ، ورفع المؤاخذة عنه إمتناناً مختصّ بهذه الامّة ، وهو المراد في حديث الرفع كما يدلّ عليه نفس طلب النبي صلىاللهعليهوآله إيّاه في ليلة المعراج ، وإلاّ كان طلبه صلىاللهعليهوآله تحصيلاً للحاصل.
بقي هنا شيء :
وهو أنّه هل يشمل حديث الرفع الأجزاء والشرائط والموانع أو لا؟ فإذا طرأ النسيان على السورة مثلاً فلم يأت بها فهل تكون الصّلاة صحيحة بمقتضى حديث الرفع أو لا؟
التحقيق في الجواب أن يقال : إنّ الشبهة تارةً تكون بنحو الشبهة الموضوعيّة كما إذا نسى السورة مع علمه بوجوبها ، واخرى تكون بنحو الشبهة الحكميّة كما إذا كان المكلّف حديث العهد بالإسلام فنسى أصل وجوب السورة ، فإن كانت الشبهة موضوعيّة فشمول الحديث لها مبنى على جريانه في الأحكام الوضعيّة إذ إنّ الجزئيّة والشرطيّة والمانعيّة من الأحكام الوضعيّة ، وقد مرّ جريانه فيها ، وإن كانت حكميّة فشمول الحديث لها مبنى على جريانه في الشبهات الحكميّة ، وقد مرّ عدمه بناءً على ما اخترناه من أنّ المراد من الموصول في « ما لا يعلمون » الفعل المجهول ، فلابدّ في شموله للشبهة الحكميّة من تقدير الحكم ( أي ما لا يعلمون حكمه ) وهو خلاف الظاهر.
__________________
(١) وسائل الشيعة : ج ١١ ، أبواب جهاد النفس ، الباب ٥٦ ، ح ٢.