الوجه السادس : بناء العقلاء بضميمة عدم ردع الشارع المقدّس فلا إشكال في أنّه لو علم أنّه سيحدث ما يوجب قتل واحد من الأفراد في بلد كبير جدّاً ، لا يمنع هذا العلم الإنسان عن الورود في هذه البلدة لاحتمال انطباقه عليه ، وأمّا لو كانت الحادثة ممّا يوجب أقلّ من القتل كان الأمر أوضح ، ولذا نعلم دائماً بوقوع الحوادث في بعض الطرق من السيارات أو القطارات أو الطائرات في كلّ يوم ومع ذلك هذا العلم لا يمنع أحداً عن السفر لكثرة الاحتمالات وضعف احتمال انطباقه عليه.
الوجه السابع : ما استدلّ به في تهذيب الاصول من الروايات الواردة في باب الأموال المختلطة بالحرام أو الربا.
لكن الإنصاف أنّها ظاهرة في الشبهات غير المحصورة.
الوجه الثامن : ما استدلّ به في تهذيب الاصول أيضاً من روايات إباحة جوائز السلطان التي نعلم باختلاطها بالأموال المغصوبة.
لكن هذا أيضاً غير تامّ لأنّ جوائز السلطان من قبيل الكثير في الكثير حيث إنّ أكثر أموالهم كانت من الخراج وشبهها ممّا لم يجز لهم التصدّي لها ، وحكم أموالهم حينئذٍ كأكثر أموال السارقين.
والظاهر كون الحكم بالإباحة في هذه الروايات من أجل إنّها جزء من بيت مال المسلمين ، وأمرها بيد وليّ الأمر الحقيقي ( وهو الإمام المعصوم عليهالسلام ) يضعها حيث يشاء.
مضافاً إلى أنّ كثيراً من أموالهم خارجة عن محلّ الإبتلاء فتخرج عن محلّ الكلام.
الوجه التاسع : ما أفاده المحقّق النائيني رحمهالله وحاصله أنّ الضابط في كون الشبهة غير محصورة عدم إمكان الجمع بين أطرافها عادةً بحيث يكون عدم التمكّن من ذلك مستنداً إلى كثرة الأطراف لا إلى أمر آخر ، وبهذا يظهر الحكم فيها وهو عدم حرمة المخالفة القطعيّة وعدم وجوب الموافقة القطعيّة ، أمّا الأوّل فلعدم إمكانه على الفرض فيكون الحكم بحرمتها تحصيلاً للحاصل ، وأمّا الثاني فلأنّ وجوب الموافقة القطعيّة فرع حرمة المخالفة القطعيّة لأنّها يتوقّف على تعارض الاصول في الأطراف ، وتعارضها فيها يتوقّف على حرمة المخالفة القطعيّة ليلزم من جريانها في جميع الأطراف مخالفة عملية للتكليف المعلوم في البين ، فإذا لم تحرم المخالفة القطعيّة ـ كما هو المفروض ـ لم يقع التعارض بين الاصول ، ومع عدم التعارض لا مانع من