الاجتناب عن غيره من المطاعم وإيجاد الوسوسة فيها ولا كلام في ذلك ولا ربط له بما نحن فيه ، هذا أوّلاً.
وثانياً : إنّ هذه الرواية تشير إلى حجّية أمارة السوق وهى من العناوين الثانوية التي تكون خارجة عن محلّ الكلام.
أقول : يمكن الجواب عن كلا الوجهين ، أمّا الوجه الأوّل فلأنّ مورد الرواية بحسب الظاهر هو الجبن التي صنع بعضها بأنفحة الميتة ثمّ إنتشرت بين سائر الجبن الطاهرة في البلد من دون وجود علامة للنجس منها فهى لو لم تكن ظاهرة في خصوص الشبهة غير المحصورة فلا أقلّ من اطلاقها لها وللشبهات البدوية معاً.
وأمّا الوجه الثاني فيرد عليه : أنّ وجود أمارة مثل أمارة السوق في مورد العلم الإجمالي لا يمنع عن تنجّزه لتساقط الأمارات الجارية في الأطراف بالتعارض.
فالمهمّ في المقام هو الإشكال السندي وهو تامّ يوجب سقوطها عن الحجّية.
إن قلت : يمكن احياؤها سنداً بانجبار الضعف بعمل المشهور والإجماعات المنقولة.
قلنا : قد قرّر في محلّه أنّ الشهرة توجب الجبر فيما إذا كان استنادها إلى الرواية قطعيّة أو كانت الرواية في مرأى ومنظر من قدماء الأصحاب بحيث كان عملهم مستنداً إليها ولو بظهور من الحال ، وهذا ممنوع في المقام لأنّ المسألة ذات مدارك عديدة.
ثمّ إنّه ربّما يستشكل في الرواية بأنّ المستفاد منها نجاسة أنفحة الميتة ، بينما لا إشكال في أنّها من جملة مستثنياتها.
ولكن يمكن الجواب عنه :
أوّلاً : بأنّ طهارتها الذاتية لا تنافي عروض النجاسة عليها من ناحية ملاقاتها بسائر الأعضاء النجسة غالباً فلابدّ من تطهيرها ( كما لابدّ منه بالنسبة إلى سائر مستثنياتها كالبيض ) فتحمل الرواية على مورد عدم التطهير.
وثانياً : بالحمل على التقيّة فكأنّ الإمام عليهالسلام يقول : سلّمنا كونها نجسة ولكن لا يجب الاجتناب لأنّ الشبهة غير محصورة.
وإن شئت قلت : إنّ صدور الصدر لأجل التقيّة لا ينافي حجّية الذيل الذي صدر على نهج الكبرى الكلّية.