فيكون الخمر والبول نجسان بالنسبة إلى من كان مبتلى بهما دون غيرهما ، ولا أظن التزامهم بذلك للزوم الإختلال في الفقه والدليل العقلي غير قابل للتخصيص فيكشف ذلك عن بطلان المبنى (١) ( انتهى ).
أقول : يرد عليه :
أوّلاً : إنّه إن اريد من قوله إنّ المخاطب هو عنوان « يا أيّها الذين آمنوا » أو عنوان « يا أيّها الناس » العنوان الذهني بما هو موجود في الذهن فهو واضح البطلان ، وإن اريد منه العنوان الذهنبي بما هو مشير إلى أفراده الخارجيّة فليس المخاطب هو العنوان بما هو عنوان بل المخاطب حقيقه هو الأفراد الخارجيّة من زيد وعمرو وبكر وغيرهم.
وهذا عين القول بالانحلال لتعدّد التكاليف بتعدّد المكلّفين ، أي الإنشاء واحد والتكليف المنشأ متعدّد ، ولا مانع من إنشاء امور عديدة بلفظ واحد كما إذا قال : « أنكحت هذه المرأة لهذا الرجل وتلك المرأة لذلك الرجل » أو قال : « بعت هذا بهذا وذاك بذاك » فإنّ النكاح أو البيع متعدّد وإن كان الإنشاء واحداً ، ولذلك يقال في باب البيع ، إنّ البيع صحيح في ما يملك وباطل في ما لا يملك ، وليس هذا إلاّلأجل الإنحلال ، وإنّ الإنشاء الواحد فيه يكون في قوّة إنشاءات متعدّدة.
وثانياً : لازم كلامه عدم وجود فرق بين العام المجموعي والعام الإفرادي مع أنّه لا إشكال في أنّ التكليف في الأوّل واحد وفي الثاني متعدّد بتعدّد أفراد العام ، ولذلك يكون العصيان في المجموعي واحداً يتحقّق بعدم إتيان فرد واحد ، وأمّا في الإفرادي فتتعدّد الإطاعة أو العصيان بتعداد الأفراد ، وليس هذا إلاّلأجل الانحلال في الإفرادي دون المجموعي ، وكأنّه وقع الخلط في المقام بين الإنشاء والمنشأ ، بينما الواحد هو الإنشاء ولا تلازم وحدة الإنشاء وحدة المنشأ.
وثالثاً : في ما ذكره من التوالي الفاسدة :
فبالنسبة إلى عدم تعدّد الكذب في قوله « كلّ نار بارد » نقول : إنّ الصدق والكذب من مقولة اللفظ لا المعنى ، أي إنّهما يعرضان للإخبار لا المخبر به ، وحيث إنّ الإخبار واحد فليكن الكذب أيضاً واحداً.
__________________
(١) راجع تهذيب الاصول : ج ٢ ، ص ٨ ٣٣ ـ ٣٤١.