فَوَثَبَ الْعَبَّاسُ ، فَقَالَ : واللهِ ، مَا هُوَ كَذلِكَ ، ومَا جَعَلَ (١) اللهُ لَكَ مِنْ رَأْيٍ عَلَيْنَا ، وَلكِنْ حَسَدُ أَبِينَا لَنَا وإِرَادَتُهُ مَا أَرَادَ مِمَّا لَايُسَوِّغُهُ اللهُ إِيَّاهُ ، ولَا إِيَّاكَ (٢) ، وإِنَّكَ لَتَعْرِفُ أَنِّي أَعْرِفُ صَفْوَانَ بْنَ يَحْيى بَيَّاعَ السَّابِرِيِّ (٣) بِالْكُوفَةِ ، ولَئِنْ سَلِمْتُ لَأُغْصِصَنَّهُ (٤) بِرِيقِهِ وأَنْتَ مَعَهُ.
فَقَالَ عَلِيٌّ (٥) عليهالسلام : « لَا حَوْلَ ولَاقُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ (٦) ، أَمَّا إِنِّي يَا إِخْوَتِي ، فَحَرِيصٌ عَلى مَسَرَّتِكُمْ (٧) ، اللهُ يَعْلَمُ ؛ اللهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي أُحِبُّ صَلَاحَهُمْ ، وأَنِّي بَارٌّ بِهِمْ ، واصِلٌ لَهُمْ ، رَفِيقٌ (٨) عَلَيْهِمْ ، أُعْنى (٩) بِأُمُورِهِمْ لَيْلاً ونَهَاراً ،
__________________
وفي حاشية « ج » : « شتّيته ». وقوله : « سَيَّبْتُهُ » ، أي أعطيته ، من السَيْب بمعنى العطاء. أو تركته وأطلقته ، من سيّبتُ الدابّةَ ، أي تركتها تَسيبُ وتجري حيث شاءت ، من السَيْب بمعني الجَرْي. وفي شرح المازندراني : « في بعض النسخ : وقد سبلته ؛ يعني جعلته في سبل الخير وصرفته فيها ». وقال المجلسي في مرآة العقول : « في بعض النسخ : شتّتته ، أي فرّقته ، وفي بعض النسخ : شتّيته ، بقلب الثاني من المضاعف ياء ». وراجع : الصحاح ، ج ١ ، ص ١٥٠ ( سيب ).
(١) في « ب » : « ولا جعل ».
(٢) في « ف » والوافي : + « فقال العبّاس ».
(٣) « السابِريُّ » : ضرب من الثياب رقيق يُعمل بسابُور موضع بفارس. والسابِريّ أيضاً : ضرب من التمر. يقال : أجود تمر بالكوفة النِرسيان والسابِريّ. ضبطه المجلسي بضمّ الباء. راجع : الصحاح ، ج ٢ ، ص ٦٧٦ ؛ المغرب ، ص ٢١٥ ( سبر ) ؛ مرآة العقول ، ج ٣ ، ص ٣٧٠.
(٤) في « ف ، بر ، بف » والوافي : « لأغصصتُه » على صيغة المتكلّم من الماضي. ويجوز في الكلمة قراءة « لُاغِصَّنّه ». وفي الشروح : « لُاغْصِصَنَّهُ » ، من غَصَصْتُ بالماء أَغَصُّ غَصَصاً ، إذا شَرِقْتَ به ، أو وقف في حلقك فلم تكد تسيغه. فالمراد من الإغصاص بريقه : جعله بحيث لا يتمكّن من إساقة ريقه ، أي ماء فيه ؛ كنايةً عن تشديد الأمر عليه.
وقال المازندراني : « وفي بعض النسخ : لأغصصته على صيغة المتكلّم من الماضي ». راجع : النهاية ، ج ٣ ، ص ٣٧٠ ( غصص ).
(٥) في « بس » : ـ « عليّ ».
(٦) في « بس » : ـ « العليّ العظيم ».
(٧) في « ه » : « مسيرتكم ». وفي « بح » : « على ما مسرّتكم ».
(٨) « رفيق » : فعيل بمعنى فاعل. وهو إمّا بالفاء من الرفق بمعنى الرأفة والتلطّف ، أو بالقاف من الرقّة بمعنىالضعف واللينة. راجع : شرح المازندراني ، ج ٦ ، ص ١٨٧.
(٩) « اعْنَى » ، أو « أَعْنِي » بمعنى أهتمّ وأعتني. يقال : عُنِيتُ بحاجتك اعْنَى بها فأنا بها مَعْنِيُّ ، وعَنَيْتُ به فأنا عانٍ ، والأوّل أكثر ، أي اهتممتُ بها واشتغلتُ. راجع : النهاية ، ج ٣ ، ص ٣١٤ ( عنا ).