الْمَلَا (١) ، فَوَثَبَ إِلَيْهِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، فَقَالَ : إِذاً (٢) واللهِ تُخْبِرُ (٣) بِمَا لَانَقْبَلُهُ مِنْكَ ولَا نُصَدِّقُكَ عَلَيْهِ ، ثُمَّ تَكُونُ عِنْدَنَا مَلُوماً مَدْحُوراً (٤) ؛ نَعْرِفُكَ بِالْكَذِبِ صَغِيراً وكَبِيراً ، وكَانَ أَبُوكَ أَعْرَفَ بِكَ لَوْ كَانَ فِيكَ خَيْرٌ ، (٥) وإِنْ (٦) كَانَ أَبُوكَ لَعَارِفاً بِكَ (٧) فِي الظَّاهِرِ والْبَاطِنِ ، وَمَا كَانَ لِيَأْمَنَكَ عَلى تَمْرَتَيْنِ.
ثُمَّ وثَبَ إِلَيْهِ إِسْحَاقُ بْنُ جَعْفَرٍ عَمُّهُ ، فَأَخَذَ بِتَلْبِيبِهِ (٨) ، فَقَالَ لَهُ (٩) : إِنَّكَ لَسَفِيهٌ ضَعِيفٌ أَحْمَقُ ، اجْمَعْ (١٠) هذَا مَعَ مَا كَانَ بِالْأَمْسِ مِنْكَ ، وأَعَانَهُ الْقَوْمُ أَجْمَعُونَ.
فَقَالَ أَبُو عِمْرَانَ (١١) الْقَاضِي لِعَلِيٍّ : قُمْ يَا أَبَا الْحَسَنِ ، حَسْبِي مَا لَعَنَنِي أَبُوكَ الْيَوْمَ (١٢) ،
__________________
(١) قال ابن الأثير : « المَلَأ : أشراف الناس ورؤساؤهم ، ومقدَّموهم الذين يُرْجَع إلى قولهم. وجمعه : أمْلاء ». النهاية ، ج ٤ ، ص ٣٥١ ( ملأ ).
(٢) في مرآة العقول : « إذاً بالتنوين ، أي حين تخبر بشيء. وهي من نواصب المضارع. ويجوز الفصل بينها وبين منصوبها بالقسم. وتخبر منصوب بها ». واتّفقت النسخ على تنوين « إذاً ».
(٣) في حاشية « بف » والوافي : « تخبرنا ».
(٤) « المدحور » : المطرود من الدُحُور بمعنى الطرد والإبعاد. وقال ابن الأثير : « الدَحْرُ : الدفع بعُنف على سبيلالإهانة والإذلال ». راجع : الصحاح ، ج ٢ ، ص ٦٥٥ ؛ النهاية ، ج ٢ ، ص ١٠٣ ( دحر ).
(٥) هكذا في « ج ، ض ، بس » والبحار. وفي سائر النسخ والمطبوع : « خيراً » ، وهو كما ترى.
(٦) في « بر ، و » : « وأن ». وفي شرح المازندراني : « إن مخفّفة من المثقّلة المكسورة ويلزمها اللام ، ويجوز دخولها على كان وأخواته ».
(٧) في « ف » : « فإنّه يعرفك » بدل « وإن كان أبوك لعارفاً بك ».
(٨) قال ابن الأثير : « لَبَبْتُ الرجلَ ولَبَّبْتُهُ ، إذا جعلت في عنقه ثوباً أو غيره وجَرَرْته به. وأخذتُ بتلبيب فلان ، إذاجمعتَ عليه ثوبه الذي هو لابسه وقبضت عليه تجرّه. والتلبيب : مَجْمَع ما في موضع اللَبَب من ثياب الرجل ». النهاية ، ج ٤ ، ص ٢٢٣ ( لبب ).
(٩) في « بح » : ـ « له ».
(١٠) في شرح المازندراني : ولعلّ الهمزة للاستفهام على سبيل التوبيخ بكسر المنازعة ، والجمع بالضمّ بمعنى المجموع كالذخر بمعنى المذخور » ، وفي الوافي : « أجمع ، تأكيد » ، وفي مرآة العقول : « ويمكن أن يقرأ أجمع على صيغة المتكلّم ».
(١١) في « ب ، ه ، ف ، بف ، بس » وحاشية بدرالدين : « ابن عمران ».
(١٢) في الوافي : « لمّا رأى القاضي مكتوباً في أعلى الكتاب « لعن الله من فضّه » خاف على نفسه أن يلجئوه إلى الفضّ ، فقال : قم يا أبا الحسن ، فإنّي أخاف أن أفضّ الكتاب ، فينالني لعن أبيك وكفاني ذلك شقاءً وبُعداً ».