سِنِينَ ـ فَكَتَبَ إِلَيْهِ الْمَأْمُونُ : لَاتَأْخُذْ عَلى طَرِيقِ الْجَبَلِ وقُمَّ (١) ، وخُذْ عَلى طَرِيقِ الْبَصْرَةِ والْأَهْوَازِ وفَارِسَ ـ حَتّى (٢) وافى مَرْوَ ، فَعَرَضَ عَلَيْهِ الْمَأْمُونُ أَنْ يَتَقَلَّدَ الْأَمْرَ (٣) وَالْخِلَافَةَ ، فَأَبى أَبُو الْحَسَنِ عليهالسلام ، قَالَ : فَوِلَايَةَ الْعَهْدِ ، فَقَالَ : « عَلى شُرُوطٍ أَسْأَلُكَهَا ». قَالَ (٤) الْمَأْمُونُ لَهُ (٥) : سَلْ (٦) مَا شِئْتَ ، فَكَتَبَ الرِّضَا عليهالسلام : « إِنِّي دَاخِلٌ فِي ولَايَةِ الْعَهْدِ عَلى (٧) أَنْ لَا آمُرَ ولَا أَنْهى ، ولَا أُفْتِيَ ولَا أَقْضِيَ ، ولَا أُوَلِّيَ (٨) ولَا أَعْزِلَ ، ولَا أُغَيِّرَ شَيْئاً مِمَّا هُوَ قَائِمٌ ، وتُعْفِيَنِي (٩) مِنْ ذلِكَ كُلِّهِ ». فَأَجَابَهُ الْمَأْمُونُ إِلى ذلِكَ كُلِّهِ.
قَالَ : فَحَدَّثَنِي يَاسِرٌ ، قَالَ (١٠) : فَلَمَّا حَضَرَ الْعِيدُ ، بَعَثَ الْمَأْمُونُ إِلَى الرِّضَا عليهالسلام يَسْأَلُهُ أَنْ يَرْكَبَ ، ويَحْضُرَ الْعِيدَ ، ويُصَلِّيَ ويَخْطُبَ ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ الرِّضَا عليهالسلام : « قَدْ عَلِمْتَ مَا كَانَ بَيْنِي وبَيْنَكَ مِنَ الشُّرُوطِ فِي دُخُولِ هذَا الْأَمْرِ ». فَبَعَثَ إِلَيْهِ الْمَأْمُونُ : إِنَّمَا أُرِيدُ بِذلِكَ أَنْ تَطْمَئِنَّ (١١) قُلُوبُ النَّاسِ ، ويَعْرِفُوا فَضْلَكَ (١٢) ، فَلَمْ يَزَلْ عليهالسلام يُرَادُّهُ الْكَلَامَ فِي ذلِكَ ، فَأَلَحَّ عَلَيْهِ ، فَقَالَ : « يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، إِنْ أَعْفَيْتَنِي مِنْ ذلِكَ فَهُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ ، وإِنْ لَمْ تُعْفِنِي خَرَجْتُ كَمَا خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلىاللهعليهوآلهوسلم وأَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليهالسلام ». فَقَالَ الْمَأْمُونُ : اخْرُجْ كَيْفَ شِئْتَ ، وأَمَرَ الْمَأْمُونُ الْقُوَّادَ والنَّاسَ أَنْ يُبَكِّرُوا (١٣)
__________________
(١) لفظة « قم » في العربي تشدّد كما في « ب ».
(٢) غاية لقوله : « فخرج عليهالسلام ». وقوله : « فكتب إليه ـ إلى ـ فارس » يشبه المعترضة.
(٣) « يتقلّد الأمر » ، أي يلزمه نفسه ويحتمله. راجع : ترتيب كتاب العين ، ج ٣ ، ص ١٥١٦ ؛ لسان العرب ، ج ٣ ، ص ٣٦٧ ( قلد ).
(٤) في « ج » : « فقال ».
(٥) في « ب ، ج ، ض ، ف ، بح ، بر ، بس » والوافي : ـ « له ». وفي « بف » : « له المأمون ».
(٦) في « ف » : + « عن ».
(٧) في « ج » : ـ « على ».
(٨) في الوافي : « ولا اولّي ، أي لا أجعل أحداً والياً على قوم ؛ من ولّيتُه الأمر ، أو أوليته ».
(٩) في « ض » : « فتعفيني ».
(١٠) في « بح » : ـ « قال ».
(١١) في « ف » : « يطمئنّ ».
(١٢) في « بح » : « بفضلك ».
(١٣) في « ب ، ج ، ض ، ف ، بح ، بر ، بس ، بف » ومرآة العقول : « يركبوا ». وقوله : « يبكِّروا » من بكر على الشيء وإليه