وَجَعَلَكُمْ تَابُوتَ عِلْمِهِ وعَصَا عِزِّهِ ، وضَرَبَ لَكُمْ مَثَلاً مِنْ نُورِهِ (١) ، وعَصَمَكُمْ مِنَ الزَّلَلِ ، وَآمَنَكُمْ مِنَ الْفِتَنِ ، فَتَعَزَّوْا بِعَزَاءِ اللهِ (٢) ؛ فَإِنَّ اللهَ لَمْ يَنْزِعْ (٣) مِنْكُمْ رَحْمَتَهُ ، ولَنْ يُزِيلَ عَنْكُمْ نِعْمَتَهُ ، فَأَنْتُمْ أَهْلُ اللهِ ـ عَزَّ وجَلَّ ـ الَّذِينَ بِهِمْ تَمَّتِ النِّعْمَةُ ، واجْتَمَعَتِ الْفُرْقَةُ (٤) ، وَائْتَلَفَتِ الْكَلِمَةُ ، وأَنْتُمْ أَوْلِيَاؤُهُ ؛ فَمَنْ تَوَلاَّكُمْ فَازَ ؛ ومَنْ ظَلَمَ حَقَّكُمْ زَهَقَ (٥) ؛ مَوَدَّتُكُمْ مِنَ اللهِ واجِبَةٌ فِي كِتَابِهِ (٦) عَلى عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ ، ثُمَّ اللهُ عَلى نَصْرِكُمْ ـ إِذَا يَشَاءُ ـ قَدِيرٌ ؛ فَاصْبِرُوا لِعَوَاقِبِ الْأُمُورِ ؛ فَإِنَّهَا إِلَى اللهِ تَصِيرُ ، قَدْ قَبَّلَكُمُ اللهُ مِنْ نَبِيِّهِ ودِيعَةً ، وَاسْتَوْدَعَكُمْ أَوْلِيَاءَهُ الْمُؤْمِنِينَ فِي الْأَرْضِ ، فَمَنْ أَدّى أَمَانَتَهُ آتَاهُ (٧) اللهُ صِدْقَهُ ، فَأَنْتُمُ الْأَمَانَةُ الْمُسْتَوْدَعَةُ ، ولَكُمُ الْمَوَدَّةُ الْوَاجِبَةُ والطَّاعَةُ الْمَفْرُوضَةُ (٨) ، وقَدْ قُبِضَ رَسُولُ اللهِ صلىاللهعليهوآلهوسلم وقَدْ أَكْمَلَ لَكُمُ الدِّينَ ، وبَيَّنَ لَكُمْ سَبِيلَ الْمَخْرَجِ ، فَلَمْ يَتْرُكْ لِجَاهِلٍ حُجَّةً ، فَمَنْ جَهِلَ أَوْ تَجَاهَلَ أَوْ أَنْكَرَ أَوْ نَسِيَ أَوْ تَنَاسى ، فَعَلَى اللهِ حِسَابُهُ ، واللهُ مِنْ وَرَاءِ حَوَائِجِكُمْ ، وأَسْتَوْدِعُكُمُ اللهَ ، والسَّلَامُ عَلَيْكُمْ » (٩)
فَسَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ عليهالسلام : مِمَّنْ (١٠) أَتَاهُمُ التَّعْزِيَةُ؟ فَقَالَ : « مِنَ اللهِ تَبَارَكَ وتَعَالى ». (١١)
__________________
(١) إشارة إلى الآية ٣٥ من سورة النور (٢٤) : ( اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ ... ).
(٢) المراد بالتعزّي التأسّي والتصبّر عند المصيبة ، وأن يقول : ( إِنّا لِلّهِ وَإِنّا إِلَيْهِ راجِعُونَ ) [ البقرة (٢) : ١٥٦ ] كما أمر الله تعالى. ومعنى « بعزاء الله » ، أي بتعزية الله إيّاه ، فقام الاسم مقام المصدر. راجع : النهاية ، ج ٣ ، ص ٢٣٣ ( عزا ).
(٣) في « ج » : « لن ينزع ».
(٤) قال المازندراني : « ولو قرئت بالكسر واريد بها جنس الطائفة الشامل للطوائف المتفرّقة لم يكن بعيداً ». وقريب منه قاله المجلسي.
(٥) « زَهَقَ » ، أي بطل وهلك. القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١١٨٤ ( زهق ).
(٦) إشارة إلى الآية ٢٣ من سورة الشورى (٤٢) : ( قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ).
(٧) في شرح المازندراني : « أتاه ».
(٨) في « ب » : « المفترضة ».
(٩) في « ف » : + « قال ».
(١٠) في « بح » : « من أين ».
(١١) راجع : الكافي ، كتاب الجنائز ، باب التعزّي ، ح ٤٦٥١ و ٤٦٥٢ و ٤٦٥٥ ؛ والأمالي للصدوق ، ص ٢٧٤ ، المجلس ٤٦ ، ح ١١ ؛ وكمال الدين ، ص ٣٩٢ ، ح ٧ ؛ والأمالي للطوسي ، ص ٦٦٠ ، المجلس ٣٥ ، ح ٩ ؛ وتفسير العيّاشي ، ج ١ ، ص ٢٠٩ ، ح ١٦٦ ـ ١٦٨ الوافي ، ج ٣ ، ص ٧٢٠ ، ح ١٣٣٥ ؛ البحار ، ج ٢٢ ، ص ٥٣٧ ، ح ٣٩.