مَا يُبْكِيكَ؟ فَقَالَ لِي : « يُبْكِينِي أَنَّكَ تُقْتَلُ عِنْدَ كِبَرِ سِنِّكَ ضَيَاعاً ، لَايَنْتَطِحُ فِي دَمِكَ عَنْزَانِ (١) ». قَالَ : فَقُلْتُ : مَتى (٢) ذَاكَ؟ قَالَ : « إِذَا دُعِيتَ إِلَى الْبَاطِلِ فَأَبَيْتَهُ ؛ وإِذَا نَظَرْتَ إِلَى الْأَحْوَلِ (٣) مَشُومِ (٤) قَوْمِهِ يَنْتَمِي (٥) مِنْ آلِ الْحَسَنِ عَلى مِنْبَرِ رَسُولِ اللهِ صلىاللهعليهوآلهوسلم يَدْعُو إِلى نَفْسِهِ قَدْ تَسَمّى (٦) بِغَيْرِ اسْمِهِ ، فَأَحْدِثْ عَهْدَكَ ، واكْتُبْ وصِيَّتَكَ ؛ فَإِنَّكَ مَقْتُولٌ فِي (٧) يَوْمِكَ (٨) أَوْ مِنْ غَدٍ (٩) »!؟
فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللهِ عليهالسلام : « نَعَمْ ، و (١٠) هذَا ـ ورَبِّ الْكَعْبَةِ ـ لَايَصُومُ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ إِلاَّ أَقَلَّهُ ، فَأَسْتَوْدِعُكَ اللهَ يَا أَبَا الْحَسَنِ ، وأَعْظَمَ اللهُ أَجْرَنَا فِيكَ ، وأَحْسَنَ الْخِلَافَةَ عَلى مَنْ خَلَّفْتَ (١١) ، و ( إِنّا لِلّهِ وَإِنّا إِلَيْهِ راجِعُونَ ) (١٢) ».
قَالَ : ثُمَّ احْتُمِلَ إِسْمَاعِيلُ ، ورُدَّ جَعْفَرٌ إِلَى الْحَبْسِ. قَالَ (١٣) : فَوَ اللهِ ، مَا أَمْسَيْنَا
__________________
(١) « لا ينتطح في دمك عنزان » ، أي لا يصيب أحدهما الآخر بقرنه ؛ من نَطَحَهُ ، أي أصابه بقرنه. وانتطح ، أيتناطح. والعَنْزُ : الانثى من المَعْز. والمعنى : لا يلتقي فيه ضعيفان ؛ لأنّ النطاح ليس من شأن العُنوز. وهذا مثل يضرب في أمر هيّن لا يكون له تغيير ولا نكير ، أو هو إشارة إلى قضيّة مخصوصة لا يجري فيها خُلْف ولا نزاع. راجع : النهاية ، ج ٥ ، ص ٧٤ ؛ المغرب ، ص ٤٥٥ ؛ القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٣٦٧ ( نطح ) ، وص ٧١٤ ( عنز ).
(٢) هكذا في النسخ التي قوبلت والوافي والبحار. وفي المطبوع : « قلت : فمتى ».
(٣) في البحار : « أحول ».
(٤) اتّفقت النسخ على تخفيف الهمزة. وقال في مرآة العقول : « والمشوم ، مخفّف مشؤوم ، بالهمزة : ضدّ المبارك ».
(٥) في « ج ، بر ، بح ، بف » وحاشية « ه » والوافي : « يتمنّى ». وفي « بس » وحاشية « ج » : « يتنمّى ». وقوله : « ينتمي » ، أي يرتفع. راجع : القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٧٥٦ ( نمى ).
(٦) في « بح ، بف » : « يسمّى ». وفي « بس » : « يتسمّى ».
(٧) في « ب » وحاشية « بح » والبحار : « من ».
(٨) في « ف » : + « هذا ».
(٩) في مرآة العقول : « أو من غد ، إمّا تبهيم من الإمام عليهالسلام للمصلحة ؛ لئلاّ ينسب إليهم علم الغيب ، أو ترديد من بعض الرواة ».
(١٠) في « ب » : ـ « و ».
(١١) في « بح ، بر » : « خلفك ».
(١٢) البقرة (٢) : ١٥٦.
(١٣) في « بف » : « فقال ».