غَيْرِ أَنْ يَنْطِقَ بِهِ لِسَانِي (١) ـ فَأَتَتْنِي عَزِيمَةٌ (٢) مِنَ اللهِ ـ عَزَّ وجَلَّ ـ بَتْلَةٌ (٣) أَوْعَدَنِي إِنْ لَمْ أُبَلِّغْ أَنْ يُعَذِّبَنِي ، فَنَزَلَتْ : ( يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النّاسِ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ ) فَأَخَذَ رَسُولُ اللهِ صلىاللهعليهوآلهوسلم بِيَدِ عَلِيٍّ عليهالسلام ، فَقَالَ (٤) : أَيُّهَا (٥) النَّاسُ ، إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِيٌّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ مِمَّنْ كَانَ قَبْلِي إِلاَّ وقَدْ عَمَّرَهُ اللهُ ، ثُمَّ دَعَاهُ فَأَجَابَهُ ، فَأَوْشَكَ أَنْ أُدْعى فَأُجِيبَ ، وأَنَا مَسْؤُولٌ وأَنْتُمْ مَسْؤُولُونَ ؛ فَمَاذَا (٦) أَنْتُمْ قَائِلُونَ؟
فَقَالُوا (٧) : نَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ بَلَّغْتَ ، ونَصَحْتَ (٨) ، وأَدَّيْتَ مَا عَلَيْكَ ؛ فَجَزَاكَ اللهُ أَفْضَلَ جَزَاءِ الْمُرْسَلِينَ.
فَقَالَ : اللهُمَّ اشْهَدْ ـ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ـ ثُمَّ قَالَ : يَا مَعْشَرَ (٩) الْمُسْلِمِينَ ، هذَا ولِيُّكُمْ مِنْ بَعْدِي ؛ فَلْيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ مِنْكُمُ (١٠) الْغَائِبَ ».
__________________
(١) في الوافي : « لسانه ».
(٢) « عزيمة » ، أي آية حتم لا رخصة فيها ، من قولهم : عَزائم الله تعالى ، أي موجباته. والأمر المقطوع الذي لا ريب ولا شبهة ولا تأويل فيه ولا نسخ. أو هي فرائضه التي أوجبها وأمرنا بها. راجع : لسان العرب ، ج ١٢ ، ص ٤٠٠ ؛ مجمع البحرين ، ج ٦ ، ص ١١٤ ( عزم ).
(٣) « بتلة » ، أي فريضة جازمة مقطوع بها غير مردودة ، ومحكمة لا تردّ ولا تتبدّل ولا يتطرّق إليها نقص. والكلمة هنا مشتقّة صفة لعزيمة ، فهي مرفوعة. ويحتمل كونها منصوبة بالحاليّة عن عزيمة ؛ لتخصّصها بقوله : « من الله ». راجع : النهاية ، ج ١ ، ص ٩٤ ( بتل ).
(٤) في الوافي : « وقال ».
(٥) في « ب ، ض ، ف ، بس ، بف » : « يا أيّها ».
(٦) في مرآة العقول : « ماذا ».
(٧) في « ب ، ه » : « قالوا ».
(٨) قال ابن الأثير : « النصيحة : كلمة يعبّر بها عن جملة هي إرادة الخير للمنصوح له ، وليس يمكن أن يعبّر هذا المعنى بكلمة واحدة تجمع معناه غيرها. وأصل النصح في اللغة الخلوص ، يقال : نصحته ونصحت له ». النهاية ، ج ٥ ، ص ٦٣ ( نصح ).
(٩) « المَعْشَر » : كلّ جماعة أمرهم واحد ، أو جماعة الناس. راجع : ترتيب كتاب العين ، ج ٢ ، ص ١٢٠٦ ؛ الصحاح ، ج ٢ ، ص ٧٤٧ ( عشر ).
(١٠) في « ف » وتفسير العيّاشي : ـ « منكم ».