أشرنا إليه في الوجه الثاني لتقريب حكم العقل بحجية الظن.
نعم تمامية المقدمة الثانية فيما لو لم يكن المكلف مقصرا ـ كما هو محل الكلام ـ موقوفة على فرض الانسداد في المعظم ، حيث يلزم من البراءة والاحتياط المحاذير الآتية. فخصوصية الانسداد في المعظم ليست دخيلة في أصل الدليل ، بل في تمامية مقدماته في محل الكلام.
وكيف كان فمن الظاهر انسداد باب العلم في المعظم وأما العلمي فانسداده موقوف على عدم حجية مقدار يفي بالمعظم من أخبار الآحاد التي بأيدينا ، لعدم ثبوت التعبد بصدورها أو بدلالتها.
لكن الظاهر حجية المقدار المذكور ، لما تقدم في الفصل الأول من حجية الظواهر مطلقا ، ومنها ظواهر الأخبار ، ولو لعدم اختصاص حجية الظواهر بالمشافهين أو المقصودين بالإفهام ، وفي الفصل الرابع من ثبوت التعبد بصدور الأخبار مع الوثوق به أو برواتها. ومن ثم لا تتم المقدمة المذكورة.
وأما المقدمة الثانية : فالظاهر تماميتها في الجملة ، لعدم الإشكال في امتناع الرجوع للبراءة لو تم انسداد باب العلم في معظم المسائل ـ كما هو مفاد المقدمة الأولى من كلامهم ـ للعلم الإجمالي بثبوت تكاليف كثيرة في المعظم ، فيلزم من الرجوع للبراءة المخالفة الإجمالية الكثيرة.
بل لو فرض عدم مانعية العلم الإجمالي من الرجوع للبراءة في تمام الأطراف فهو مختص بما إذا كان المعلوم بالإجمال حكما واحدا أو أحكاما قليلة يمكن تسامح الشارع فيها ، دون ما إذا كان أحكاما كثيرة ، فضلا عما إذا كان معظم الأحكام ، حيث يلزم من إهمالها تعطيل الشريعة ، وهو الذي عبّر عنه شيخنا الأعظم قدسسره بمحذور الخروج عن الدين.
كما أنه لو فرض كون تعذر الاحتياط التام في أطراف العلم الإجمالي