المقام الثاني : في الاكتفاء بالعلم الإجمالي في امتثال التكليف
ولا إشكال ظاهرا في الاكتفاء به مع تعذر الامتثال التفصيلي حتى في العباديات ، وفي الاكتفاء به ولو مع تيسره في التوصليات ، ومنها المحرمات ، وإنما الإشكال في الاكتفاء به في العباديات مع تيسر الامتثال التفصيلي.
كما وقع الكلام في الاكتفاء بالامتثال الاحتمالي للأمر العبادي المحتمل مع إمكان الفحص عن ثبوت الأمر ، كما لو احتمل المكلف وجوب غسل رؤية المصلوب فجاء به برجاء مشروعيته ، مع الفراغ ظاهرا عن الاكتفاء به مع تعذر الفحص وفي التوصليات مطلقا. وحيث يشترك المقامان في كثير من جهات الكلام فالمناسب النظر هنا فيهما معا وإن كان الثاني أجنبيا عن محل الكلام من العلم الإجمالي. ومن هنا يقع الكلام في موضعين :
الموضع الأول : الاحتياط مع احتمال التكليف
وقد أصر بعض الأعاظم قدسسره على عدم مشروعيته ، وإليه مال شيخنا الأعظم قدسسره في بعض كلماته ـ وإن اضطرب كلامه في هذه المسألة كثيرا ـ ونسب للمشهور عدم اكتفاء الجاهل بالاحتياط عن الاجتهاد والتقليد. والمستفاد منهم
الاستدلال عليه بوجوه ..
الأول : أنه يعتبر في العبادة الإتيان بها بنية الوجه الخاص من الوجوب أو الندب ، فقد ذكر شيخنا الأعظم قدسسره أنه حكى غير واحد اتفاق المتكلمين على وجوب إتيان الواجب والمندوب لوجوبه أو ندبه أو لوجههما ، وأن السيد الرضي قدسسره نقل إجماع أصحابنا على بطلان صلاة من لا يعلم أحكامها ، وأن أخاه السيد المرتضى قدسسره أقره على ذلك. قال قدسسره في خاتمة مباحث أصالتي البراءة والاشتغال بعد نقل ذلك : «بل يمكن أن يجعل هذان الاتفاقان المحكيان