موجبا لسقوط التكاليف الواقعية عن الفعلية بنحو لا موضوع معه لتبعيض الاحتياط فلا مجال لذلك في المقام ، لأجل المحذور المذكور. وقد سبق عند الكلام في عدد مقدمات هذا الدليل احتمال كون ذلك هو المراد من عدم جواز الإهمال الذي جعل مقدمة رابعة في كلام جماعة. بل لا بد من البناء على بقاء الأحكام الواقعية على الفعلية ولزوم حفظها في مقام الامتثال في الجملة.
وأما الاحتياط فهو وإن كان مقتضى القاعدة في العلم الإجمالي ، إلا أنه قد يدعى الإجماع على عدم وجوبه في المقام.
لكن حيث كانت المسألة من المستحدثات ، لبناء الأصحاب سابقا على انفتاح باب العلم ، فلا مجال لدعوى الإجماع ، فضلا عن حجيته.
وأما دعوى الإجماع الارتكازي ، الراجعة إلى أن المرتكزات الفقهية تناسب منع الأصحاب من وجوب الاحتياط لو التفتوا لفرض الانسداد. فهي راجعة إلى الاستدلال بالمرتكزات ، وهو غير ظاهر بنحو معتد به. فالعمدة في المقام وجهان :
أولهما : لزوم اختلال النظام من الاحتياط ، لكثرة موارد الجهل ، مع كون الاحتياط في بعض المسائل ذا وجهين نظير ما أشرنا إليه في الوجه الأول من أن مقتضى الاحتياط مع الشك في ملكية المال الذي تتحقق به الاستطاعة للحج هو الحج من دون تصرف في ذلك المال ، ومع ابتناء العمل في كثير من المسائل التي هي مورد الجهل على مسائل أخر هي مورد الجهل أيضا.
مثلا مقتضى الاحتياط في الماء المستعمل في رفع الحدث الأكبر عدم الاجتزاء به في رفع الحدث ، لكن لو انحصر الماء به وبماء محتمل النجاسة فمقتضى الاحتياط للمكلف التطهر بالأول ثم بالثاني وأداء الصلاة في الوقت ، فإذا قدر بعد ذلك على ماء مقطوع الطهارة تطهر به من الخبث المحتمل ثم تطهر