عليه ، بأن لم يجتمعا معا ، بل حدث المحتمل عند ارتفاع المتيقن من دون أن يتخلل العدم بينهما.
ودعوى : أنه في الصورة الأولى يحتمل بقاء الكلي بعين الوجود السابق المتيقن ، لا بوجود آخر ، لفرض احتمال وجود الفرد الآخر من أول الأمر.
مدفوعة بأن ذلك إنما يتم بلحاظ الوجود السعي للكلي ، أما الوجود الحقيقي المتكثر ـ الذي سبق أن الاستصحاب إنما يصح بلحاظه ـ فلا مجال لذلك فيه ، لوضوح أن الوجود المتيقن للكلي قد علم بارتفاعه ، وإنما يحتمل بقاء الكلي في فرد لا يقين بوجوده سابقا.
ثانيهما : أن شيخنا الأعظم قدسسره قد حكم بجريان الاستصحاب فيما إذا كان الفرد المشكوك مباينا للفرد المتيقن حقيقة ، لكن العرف يتسامح فيه فيعده متحدا معه واستمرارا لوجوده وبقاء له. وذلك منه قدسسره للبناء على الاكتفاء في موضوع الاستصحاب بالتسامح العرفي ، الذي سبق منا المنع منه عند الكلام في موضوع الاستصحاب.
نعم مثّل قدسسره لذلك بما إذا علم بوجود السواد الشديد ثم علم بتبدله إما بسواد أضعف أو بالبياض. أو كان الشخص في مرتبة من كثرة الشك وتردد الأمر بين زوالها وتبدلها بمرتبة أضعف ، وحكم في المثالين بجريان استصحاب السواد ، وكثرة الشك.
لكن الظاهر أن الاتحاد في المثالين المذكورين ونحوهما حقيقي لا تسامحي ، لأن المرتبة الضعيفة موجودة في ضمن المرتبة الشديدة بذاتها ، وإن اختلفت عنها بحدّها ، فتبدل حدود الأمور المشككة لا يوجب تبدل ذواتها ، ليكون من تبادل الفردين ، بل هو من سنخ تبدل الحالات الزائدة على الذات لا يمنع من صدق البقاء عليها حقيقة بلحاظ بقاء ما به الاشتراك بعينه ، فالمقام من القسم الأول لاستصحاب الكلي الذي تقدم عدم الإشكال في جريانه.