المحصل هو المسبب المترتب على فعل المكلف ـ كالتذكية والطهارة ـ وفيما نحن فيه هو نفس فعل المكلف ذي العنوان المنتزع.
وأما الصورة الثانية فالظاهر جريان البراءة فيها ، لأن تحقق العنوان وسعة انطباقه مأخوذان في موضوع التكليف ، لا في المكلف به ، فمرجع التكليف بإكرام علماء البلد إلى التكليف بإكرام الأشخاص إن كانوا من العلماء ، فلا يصلح الجعل الشرعي لفعلية التكليف إلا بضميمة انطباق العنوان ، فالشك في مقدار المعنون مستلزم لإجمال التكليف وتردده بين الأقل والأكثر ، كسائر موارد الدوران بينهما التي سبق أنه لا مجال فيها لتنجز التكليف بحدّه الواقعي ، بل لا يتنجز منه إلا المتيقن وإن كان ارتباطيا.
هذا وقد جعل بعض الأعاظم قدسسره من أمثلة الشبهة الموضوعية التي تجري فيها البراءة ما إذا تردد لباس المصلي بين كونه من مأكول اللحم وغيره. بدعوى :
أنه بناء على ما هو الظاهر من مانعية غير المأكول من الصلاة فالمانعية تختلف سعة وضيقا تبعا لكثرة أفراد غير المأكول وقلتها ، ويكون كل منها مانعا برأسه ، لأن الأصل في باب النواهي النفسية والغيرية هو الانحلالية.
فالنهي عن الصلاة في أجزاء ما لا يؤكل لحمه ينحل إلى نواهي متعددة بعدد ما لغير المأكول من الأفراد خارجا ، ويكون عدم كل فرد قيدا في الصلاة الواجبة ، فإذا شك في كون اللباس الخاص من غير المأكول فقد شك في مانعيته وأخذ عدمه قيدا في الصلاة ، فيؤول الأمر إلى الدوران بين الأقل والأكثر من جهة الشبهة الموضوعية الذي هو مجرى البراءة.
وقد وافقه على ذلك في الجملة سيدنا الأعظم قدسسره في مبحث اللباس المشكوك من مباحث لباس المصلي من مستمسكه.
وفيه أولا : أن ذلك راجع إلى الدوران بين الأقل والأكثر الانحلاليين ، لأن