الظاهرية ـ كما أشرنا إليه آنفا ـ بل لإلغاء خصوصية العلم الرافع لمقتضى الأصل ـ عرفا ، والتعدي منه لكل طريق.
بقي شيء
وهو أن هذا الوجه إنما يقتضي ارتفاع موضوع الأصل بالطريق والأمارة المخالفين له ، دون الموافقين له ، لأن ما تضمن كون العلم غاية للعمل على طبق الأصل ورافعيته له لا يراد به إلا العلم بما يخالف مقتضى الأصل ، دون العلم بما يوافقه.
غاية الأمر أنه يمتنع التعبد الظاهري مع العلم بالواقع عقلا. وهو مختص بالعلم الوجداني ، ولا يعم ما يقوم مقامه من الطرق والأمارات المعتبرة ، فإن حجية الطرق والأمارات لا تنافي التعبد الظاهري بالأصل المطابق لها.
كما أن العنوان الثانوي الاقتضائي إنما يمنع من تأثير العنوان الأولي غير الاقتضائي مع تنافيهما عملا ، لا مع اتفاقهما. وقد تقدم في الاستدلال بحديث مسعدة بن صدقة على البراءة ما ينفع في المقام.
نعم الاستناد في البناء على الشيء إلى مقتضي إثباته ـ وهو الطريق أو الأمارة ـ أولى ارتكازا من الاستناد فيه إلى مجرد عدم المقتضي لخلافه ، كما هو مفاد الأصل. فالاستناد للطرق والأمارات مقدم طبعا على الاستناد للأصل الموافق لها ، وإن لم تكن رافعة لموضوعه.
المقام الثاني
في تقديم الأصول الإحرازية على الأصول غير الإحرازية
والمراد بالأصول غير الإحرازية ما يكون التعبد فيه بمفاد الأصل لمجرد الشك ، كما في أصالتي الحل والطهارة ، وبالأصول الإحرازية ما يكون التعبد فيه بمفاد الأصل في مورد الشك بضميمة المحرز له ، من دون أن يكون طريقا