الثاني : الإجماع المدعى من غير واحد ، كما في الجواهر. وقد تعرض في التقريرات لكلمات غير واحد الظاهرة أو الصريحة في دعوى الإجماع ، كابن أبي جمهور الأحسائي ، والمحقق الثاني في شرح الألفية ، والشهيد الثاني في المسالك ، وفي رسالته في المسألة ، والوحيد البهبهاني قدس الله أسرارهم الزكية.
وقال سيدنا الأعظم قدسسره : «فإن الحاكين للإجماع وإن كانوا جماعة خاصة ، لكن تلقى الأصحاب لنقلهم بالقبول من دون تشكيك أو توقف من أحد ، وتسالمهم على العمل به ، يوجب صحة الاعتماد عليه. ولا سيما مع كون نقلة الإجماع المذكور من أعاظم علمائنا وأكابر فقهائنا ، ولهم المقام الرفيع في الضبط والاتقان والتثبت. قدس الله تعالى أرواحهم ، ورفع منازل كرامتهم ، وجزاهم أفضل الجزاء».
لكن في بلوغ ذلك حدا ينهض بالحجية إشكال ، بل منع ، لأن دعوى الإجماع إنما صدرت من المتأخرين ، مع عدم تحرير المسألة في العصور الأولى المقاربة لعصور المعصومين عليهمالسلام ، ليكشف عن أخذها خلفا عن سلف منهم ، وعدم وضوح نحو الابتلاء بها في تلك العصور ، لتستند دعوى الإجماع لوضوح الحكم بين الطائفة بسبب سيرتهم العملية.
بل من القريب جريان السيرة على تقليد الموتى يوم لم يكن للتقليد عنوان يقتضي العناية به والاهتمام بأحكامه ، بل تجري الناس فيه على مقتضى طبائعهم. إذ يبعد جدا أن يكون أخذ المكلف الحكم من الفقيه ليعمل به هو وأهله ما دام الفقيه حيا ، فإذا مات رجع إلى غيره ، وسأله عن نفس الحكم الذي تعلمه من الميت ، لما في ذلك من الخروج عن مقتضى السيرة الارتكازية بنحو لو كان لظهر وبان ، ولم يخف علينا.
ومثله احتمال أن يعمل به بعد موته هو وأهله ومن يتبعه ممن عملوا به