القليل المدوم عليه خير من الكثير المنقطع (١).
لكنه يشكل بظهور النصوص المذكورة في الخير الشرعي وهو المشروع الواقعي ، دون مثل الاحتياط مما هو حسن عقلا ، لما سبق من عدم ثبوت الأمر به مولويا. على أنه لا يبعد ظهورها في أولوية القليل المدوم عليه من الكثير الذي ينقطع ويهمل ضجرا ومللا ، دون ما إذا كان انقطاعه لتعذره بعد استكمال الطاقة في الخير. بل لعل استحباب التعجيل بالخير يقتضي أولوية الكثير حينئذ. فتأمل جيدا.
الأمر الخامس : قد تضمن كثير من النصوص الحث على العمل الذي ورد عليه الثواب ، كصحيح هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليهالسلام : «قال : من بلغه عن النبي صلىاللهعليهوآله شيء من الثواب فعمله كان أجر ذلك له وإن كان رسول الله صلىاللهعليهوآله لم يقله» (٢) ، وصحيحه الآخر عنه عليهالسلام : «قال : من سمع شيئا من الثواب على شيء فصنعه كان له وإن لم يكن على ما بلغه» (٣) ومعتبر محمد بن مروان عنه عليهالسلام : «قال : من بلغه عن النبي صلىاللهعليهوآله شيء من الثواب ففعل ذلك طلب قول النبي صلىاللهعليهوآله كان له ذلك الثواب وإن كان النبي صلىاللهعليهوآله لم يقله» (٤) وغيرها.
وقد يدعى ظهور هذه النصوص في حجية الخبر الدال على الثواب مطلقا ، لصدق البلوغ عليه وإن كان ضعيفا في نفسه. وعليه تبتني قاعدة التسامح في أدلة السنن التي عرفت بين الأصحاب ، وعليها جروا في فتاواهم ، حيث يفتون بالاستحباب اعتمادا على النصوص الضعيفة التي لا يعولون على مثلها في بقية الأحكام الشرعية. وكأن الوجه في استفادة حجية الخبر المذكور من هذه
__________________
(١) راجع الوسائل ج : ١ باب : ٢١ من أبواب مقدمة العبادات ، وباب : ٢٨ حديث : ١٠.
(٢) الوسائل ج : ١ باب : ١٨ من أبواب مقدمة العبادات حديث : ٣.
(٣) الوسائل ج : ١ باب : ١٨ من أبواب مقدمة العبادات حديث : ٦.
(٤) الوسائل ج : ١ باب : ١٨ من أبواب مقدمة العبادات حديث : ٤.