مضمونه. على أن الظاهر المفروغية عن ملازمة وجوب الحذر عقيب الخبر لعموم حجيته مهما كان مضمونه ، وذلك كاف في المطلوب لو فرض عدم ظهور الآية فيه في نفسها.
هذا وقد يستشكل في الاستدلال بالآية بوجوه ...
الأول : أنه لا إطلاق لها يقتضي وجوب الحذر عند الإنذار لعدم سوقها لذلك ، بل لبيان وجوب النفر ، مع المفروغية عن ترتب الحذر على الإنذار في الجملة ، لا مطلقا ، كما هو مقتضى كلمة «لعل» الظاهرة في عدم ملازمة ما بعدها لما قبلها ، نظير قولنا : انصح زيدا لعله يقبل منك ، وأبلغه لعله يصدقك ، فلعل وجوب الحذر يختص بما إذا تعدد المنذر أو قامت القرينة على صدق الخبر.
ويندفع بأن «لعل» في المقام ونحوه ظاهرة في ملازمة مطلوبية ما بعدها لما قبلها ، بمقتضى ظهورها في كونه غاية لطلبه ، وإن أمكن تخلفه بنفسه مع كونه مطلوبا ، نظير قولنا : أحسن لزيد لعله ينفعك وادفع له دينارا لعله يكفّ عن الطلب من الناس. فإنه ظاهر في كون الإحسان ودفع الدينار كافيين في استحسان النفع والكف ومطلوبيتهما من زيد ، بلا حاجة إلى أمر آخر.
وأما ظهور «لعل» في عدم لزوم ترتب الغاية فهو لأمر آخر غير عدم إطلاق الطلب ، كقصور المكلف لعدم علمه بمطلوبية الشيء ، كما قد يكون في مثل : أبلغ زيدا بمجىء عمرو لعله يزوره ، بأن يكون عدم زيارة زيد لعمرو ناشئا من عدم علمه بمطلوبية الزيارة منه أو تقصيره تسامحا في القيام بما ينبغي له ، كما في المثالين المتقدمين وفي مثل قوله تعالى : (فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى)(١) ومنه المقام ، لأن الأمر بالنفر والتفقه والإنذار والحذر عام ينبغي أن لا يجهله أحد بعد النص عليه في الكتاب الكريم ولا سيما مع مطابقته
__________________
(١) سورة طه الآية : ٤٤.