الفصل الثاني
في ارتفاع موضوع الحجية في أحد الدليلين بسبب الآخر
من الظاهر أن للمتكلم أن يلحق بكلامه ما شاء من القرائن في مقام بيان مراده وإن كانت على خلاف مقتضى الظهورات الأولية العامة المستندة للأوضاع أو للانصرافات الناشئة من كثرة الاستعمال أو نحوها ، فتمنع القرائن الخاصة من انعقاد ظهور الكلام على طبق الظهورات الأولية ، بل ينعقد الظهور على طبقها.
فإذا فرغ المتكلم من كلامه انعقد ظهوره في بيان مراده الجدي على ما يناسب الظهورات الأولية والقرائن الخاصة ، ويستقر الظهور المذكور ، ويكون موضوعا للحجية بطبعه ، ولا يرتفع بالعثور على المعارض له في المدلول وإن كان أقوى منه ظهورا.
هذا ولكن يظهر من بعض الأعاظم قدسسره في غير موضع كلامه المنع من ذلك في بيانات الشارع الأقدس ، لدعوى خروجه عن الطريقة العرفية في بيان مراده الجدي ، واتكاله فيه على القرائن المنفصلة ـ كما يظهر بملاحظة النصوص المروية عن الأئمة (صلوات الله عليهم) ـ لمصالح هو أعرف بها.
وعلى ذلك فقبل الفحص عن القرائن المنفصلة لا مجال للجزم بظهور الكلام التصديقي ، وهو الظهور في المراد الجدي ، وإن علم بظهور الكلام التصوري المستند لحاقّ الكلام ، والذي لا يكون موضوعا للحجية ، فهو نظير ظهور صدر الكلام قبل الفراغ منه.
كما أنه بالعثور على القرائن المنفصلة لا يلزم التعارض بين الظهورات التصديقية ، بل منعها عن انعقاد الظهور الأولي للكلام ، وتحكيم الظهورات