النسخ ، ومن المعلوم قلته ، خصوصا من الأئمة عليهمالسلام بناء على ما هو الظاهر من إمكان صدوره منهم ، بمعنى علمهم به وتبليغهم الأحكام على ما يناسبه ، كما هو الحال في النسخ الصادر من النبي صلىاللهعليهوآله.
مع أنه مستلزم لاضطراب نظام الفقه القائم ، وتأسيس فقه جديد ، إذ كثيرا ما يكون الظهور الأقوى سابقا زمانا على الظهور الأضعف ، فلو بني على النسخ لزم البناء على مقتضى الظهور الأضعف ، لنسخ الظهور الأقوى به. ولو جهل الأسبق من الظهورين لزم التوقف عنهما معا ، للعلم الإجمالي بنسخ أحدهما بالآخر.
ولا يظهر منهم البناء على ذلك. بل سيرتهم على العمل بالأظهر مطلقا ، وتنزيل الأضعف عليه ، للجمع العرفي بينهما ، ولا يذكر النسخ إلا احتمالا لتوجيه النصوص التي يبنى على إهمالها.
ولعل الوجه في سيرتهم المذكورة وعدم تعويلهم على احتمال النسخ : أن العمدة في البيانات الشرعية هي الأخبار الصادرة عن الأئمة (صلوات الله عليهم) ، وهي منصرفة إلى كون مضمونها الأحكام الثابتة من عصر النبي صلىاللهعليهوآله ، لأن ذلك هو الذي يقع موردا لسؤال السائلين ، فإن النسخ منهم عليهمالسلام وإن كان ممكنا ، إلا أنه مغفل في مقام السؤال والجواب.
ولذا تضمن كثير من النصوص استشهاد الإمام عليهالسلام بكلام النبي صلىاللهعليهوآله ، أو استفسار السائل عن وجه الجمع بين فتواه عليهالسلام وما روي عنه صلىاللهعليهوآله أو عن الأئمة المتقدمين ، وتكذيب الإمام روايات العامة المخالفة لفتواهم ، أو تفسيرها بما لا يخالفها ، حيث يظهر من ذلك ونحوه المفروغية عن كون الحكم الصادر منهم عليهمالسلام مشرعا من عصر النبي صلىاللهعليهوآله.
وقد يشير إليه ما ورد عن أمير المؤمنين عليهالسلام في توجيه اختلاف الناس