موضوع الأثر هو ارتفاع زيد على عمرو في المكان ، وعلم بسبق وجود زيد في المكان العالي ثم علم بدخول عمرو في المكان الأسفل بعد احتمال خروج زيد من مكانه ، فإن استصحاب بقاء زيد في مكانه لا يكفي في ترتب الأثر المذكور بعد عدم دخله فيه بعنوانه ، وإنما الدخيل عنوان الارتفاع في المكان اللازم للمستصحب.
الأمر الخامس : يكفي في جريان الاستصحاب أن يكون لبقاء المستصحب أثر في مقام العمل ، سواء كان تعلق العمل به حين الشك في البقاء ـ كما في استصحاب طهارة الثوب لإحراز مشروعية الدخول في الصلاة به ـ أم بعده ـ كما في موارد الشك في تأخر الحادث ـ أم حين اليقين بالحدوث ـ كما في استصحاب بقاء الدم ثلاثة أيام لترتيب آثار الحيض بمجرد رؤيته ـ أم قبله ، كما لو وجب تهيئة الطعام للزائر إن كان يبقى إلى الظهر ، وعلم يوم الخميس بمجيئه صباح الجمعة وشك في بقائه إلى الظهر. فإن استصحاب بقائه إلى الظهر موجب لتنجز وجوب تهيئة الطعام ، ولو بإعداد مقدماته المفوتة.
كل ذلك لعموم دليل الاستصحاب ، بعد تحقق أركانه من اليقين بالحدوث والشك في البقاء وترتب العمل الرافع للغوية. وعلى ذلك يبتني ما ذكره غير واحد من جريان الاستصحاب في الأمور المستقبلة.
ودعوى : انصراف عموم الاستصحاب لصورة فعلية المشكوك ولو بلحاظ مورد النصوص. مدفوعة بمنع الانصراف المذكور. ولا سيما بعد كون القضية ارتكازية شاملة للجميع. كيف ولازم ذلك اختصاصه بالصورة الأولى ، وعدم جريانه في الصورة الثانية ، للعلم بارتفاع المشكوك ـ وهو عدم الحادث ـ فيها حين إرادة ترتيب الأثر. وإلحاقها وحدها دون الأخيرتين بالصورة الأولى تحكم بعد اختصاص المورد بالصورة الأولى ، واشتراك الجميع في الدخول تحت العموم الارتكازي.