بالتعليل ، فما ذكر قد يتجه لو كان دليل المفهوم منفصلا عن التعليل ، كما أشار إليه شيخنا الأستاذ قدسسره.
ثالثها ـ وهو العمدة ـ : أن التعليل لا يعم مورد المفهوم غالبا ، فإن حمله على مطلق الجهل بالواقع لا يناسب مقام التعليل الذي ينبغي فيه أن يكون ارتكازيا صالحا لبيان وجه الحكم وتقريبه إلى ذهن السامع ليقتنع به ، كما لا يناسب خصوصية الفسق المناسب ارتكازا للتوقف عن الخبر ، بل المناسب لذلك حمله على خصوص الجهل الذي يرى العقلاء الإقدام معه تغريرا وتفريطا ، لعدم وجود ما يصلح بنظرهم لأن يركن إليه ويعتمد عليه في مقام العمل ، كخبر الفاسق ، وتقديم عموم التعليل على المفهوم إنما هو بالإضافة إلى ما يشبه خبر الفاسق في ذلك ، كخبر العدل غير الضابط ، دون مثل خبر العدل الضابط الذي يصح الركون إليه والاعتماد عليه عند العقلاء الذي هو المراد بالمفهوم ، بل يقصر التعليل عنه ارتكازا ، كما يقصر عن خبر الفاسق الثقة المأمون منه الكذب وإن دخل في إطلاق المنطوق. ولعل وجه ذكر الفاسق حينئذ غلبة كونه من القسم الأول مع التنبيه والتأكيد على فسق المخبر في مورد النزول ، والتأنيب والتبكيت لمن حاول العمل بخبره.
ونظير ذلك ما لو قيل : إن وصفت لك النساء دواء فلا تستعمله ، لأنك لا تأمن ضرره ، حيث لا يتوهم عموم التعليل فيه لما يصفه الطبيب الحاذق وإن لم يكن معصوما من الخطأ ، وإنما يعم ما يصفه غير الأطباء من الرجال ، كما يقصر عما يصفه النساء الطبيبات الحاذقات. وليس وجه ذكر النساء إلا غلبة تصدي غير الطبيبات الحاذقات. وليس وجه ذكر النساء إلا غلبة تصدي غير الطبيبات منهن لوصف الدواء أو الابتلاء بهن في مورد الخطاب.
ويشهد بما ذكرنا أيضا التعقيب بالندم الظاهر في المفروغية عن ترتب الندم بالعمل على خبر الفاسق بعد ظهور كذبه ، إذ من الظاهر أن الندم لا يكون بمجرد فوت الواقع ، بل مع التقصير فيه ، المستلزم لتقريع النفس وتأنيبها ، ولا