ج ـ الشيخ الكافر!
أمثل هذا الخبيث اللّحنة (١) يقبل منه المسلمون تبديل كلمات من القرآن في مصحف انتشر إلى أقاصي إفريقيا وبلاد الهند وجميع بلاد العالم؟
إنّ كل ما أشرنا إليه هو من الامور المستحيلة عادة.
إذا فمن أين انتشرت تلك الروايات المختلقة في كتب الحديث والسيرة والتفسير بمدرسة الخلفاء؟
يتضح لنا بجلاء ووضوح أمرها ومصادرها بالتدبر في ما مرّ بنا من قيام الزنادقة بوضع الأحاديث ، ودسّها في كتب الحديث.
فقد جاء في رواية أنّه كان في الزنادقة من يأخذ من شيخ مغفل كتابه فيدس فيه ما ليس من حديثه فيرويه ذلك الشيخ ظنا منه أنّه من حديثه.
وكان منهم الزنديق عبد الكريم بن أبي العوجاء ربيب حماد بن سلمة الّذي كان يدس الأحاديث في كتب حماد ، وكان يذهب في موسم الحج إلى مكة للاجتماع بالحجّاج وإضلالهم ، وكان في البصرة يفسد الأحداث فهدده عمرو بن عبيد فلحق بالكوفة ، ودلّ عليه والي الكوفة فقتله ، فلمّا أرادوا أن يقتلوه قال : لقد وضعت فيكم أربعة آلاف حديث ، احرّم فيها الحلال واحلّ فيها الحرام.
وقال المهدي العباسي : أقرّ عندي زنديق أنّه وضع أربعمائة حديث.
وكان في الزنادقة من يستغل رغبة أتباع مدرسة الخلفاء في استماع فضائل ذوي السلطة والدفاع عنهم في ما انتقدوا عليه.
وقد مرّ بنا كيف وضع الزنديق مطيع بن اياس في سبيل رضا الخليفة المنصور رواية يصدق على ابنه المهدي أنّه المهدي الموعود ، وأشهد على صدق
__________________
(١) اللّحنة : كثير اللّحن والخطأ في كلامه.