ابن الزّبير ومن معه وبعث برءوسهم إلى الشام ، واستخفّ ببقايا الصحابة في المدينة وختم أيديهم وأعناقهم وأساء السيرة في ولايته على الكوفة ، فخرج عليه ١٢٠ ألف راجل و ٣٣ ألف فارس من العلماء والفقهاء والقرّاء والصالحين بقيادة ابن الأشعث ، وقتل من الجانبين في أربع وثمانين معركة خلق كثير ، ولما غلبهم الحجّاج قتل منهم خلقا كثيرا ، ثمّ أسر منهم خلقا كثيرا ذبحهم جميعا كما يذبح الغنم ، ذبح منهم بمسكن وحدة قريبا من خمسة آلاف أسير مسلم ، ونال من الصحابي أنس فشكاه إلى عبد الملك فكتب إليه : (... أمّا بعد ، فإنّك عبد طمت بك الأمور ، فسموت فيها وعدوت طورك ، وجاوزت قدرك ، وركبت داهية إدّا ، وأردت أن تبدو لي فإن سوّغتكها مضيت قدما ، وإن لم أسوّغها رجعت القهقرى ، فلعنك الله من عبد أخفش العينين ، منقوص الجاعرتين. أنسيت مكاسب آبائك بالطائف ، وحفرهم الآبار ، ونقلهم الصخور على ظهورهم في المناهل؟ يا ابن المستفرية بعجم الزبيب ، والله لأغمرنك غمر اللّيث الثعلب ، والصقر الأرنب ...).
وقالوا عنه : انّه قتل صبرا مائة وعشرين ألفا ومات وفي سجنه ثمانون ألفا منهم ثلاثون ألف امرأة ، ومات سنة ٩٥ ه بواسط وعفي قبره واجري عليه الماء لكيلا ينبش ، ولمّا مات الوليد بن عبد الملك سنة ٩٦ وولي بعده سليمان بن عبد الملك ، ولّى على العراق يزيد بن المهلّب ، وأمره بمعاقبة آل الحجّاج وأصحابه ، وأن يعذّبهم حتى يستخرج منهم الأموال ، وتتبّعهم سليمان بنفسه وسامهم سوء العذاب.
وقد قال سعيد بن جبير في حق الحجّاج : والله ما خرجت عليه حتى كفر! وقالوا في حقّه ـ أيضا ـ :
أ ـ كان الحجّاج ينقض عرى الإسلام!
ب ـ لم يبق لله حرمة إلّا ارتكبها!