وأنّ المصحف في اللّغة اسم للصحف الّتي تجمع بين الدفتين ، مثل مصحف خالد بن معدان ، الّذي كان علمه في مصحف له أزرار وعرى ، وبهذا المعنى استعمل في عصر الصحابة ، وبناء على ذلك كان المصحف في عصر الصحابة يستعمل في كل صحف جمعت بين الدفتين قرآنا كان أو غير قرآن وفي عصرنا أصبح المصحف اسما علما للقرآن وحده.
وأنّ الإقراء كان في المصطلح القرآني بمعنى تعليم لفظ القرآن مع تعليم معناه ، والمقرئ من يقوم بتعليم القرآن كذلك ، والقارئ وجمعه القرّاء من تعلّم القرآن كذلك. وبناء عليه فإنّ جزءا من معنى الإقراء تعليم لفظ القرآن وجزءا آخر منه تعليم تفسير القرآن ، ونقلنا عن مفردات القرآن للراغب انّه إذا كان لمعنى اللّفظ جزءان جاز استعماله في كليهما معا وجاز استعماله في أحد المعنيين منفردا مثل المائدة الّتي هي اسم للخوان مع الطعام ويجوز استعماله فيهما معا وفي أحدهما بالانفراد.
وأنّ في أخريات عهد الخليفة عمر استعمل الإقراء في تعليم معنى القرآن وبهذا المعنى ـ أيضا ـ استعمل في حديث جاء في صحيح البخاري وغيره من أنّ ابن عباس كان يقرئ عبد الرّحمن بن عوف وأمثاله من الصحابة في آخر سنة حج فيها عمر بن الخطاب القرآن في منى أي في السنة الثالثة والعشرين من الهجرة ولم يكن صحابة مهاجرون أسلموا قريبا من السنة الخامسة بعد البعثة مثل عبد الرّحمن بن عوف يتعلمون تلاوة ألفاظ القرآن يومذاك بعد أن مضى على إسلامهم بمكة ثماني سنوات وفي المدينة ثلاث وعشرون سنة بل كانوا يتعلمون منه تفسير القرآن ، وقد مرّ بنا انّ الخليفة عمر كان يسأل ابن عباس عن تفسير القرآن وكان ممّن رشّحه الخليفة لتفسير القرآن على عهد خلافته ، ونجد كثيرا من تفسير معنى اللّفظ من ابن عباس في الدر المنثور للسيوطي ، مثل قوله في (١ / ٢٥) منه :