عبد العزيز أنّه قال :
(كان أبي إذا خطب فنال من عليّ (رض) تلجلج ، فقلت : يا أبت! إنّك تمضي في خطبتك فإذا أتيت على ذكر عليّ عرفت منك تقصيرا! قال : أوفطنت لذلك؟ قلت : نعم ، فقال : يا بنيّ! إنّ الّذين حولنا لو يعلمون من عليّ ما نعلم تفرّقوا عنّا إلى أولاده. فلمّا ولي الخلافة ، لم يكن عنده من الرغبة في الدنيا ما يرتكب هذا الأمر العظيم لأجله ، فترك ذلك وكتب بتركه وقرأ عوضه : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى) (النّحل / ٩٠) (١).
وممّا ينبغي أن ندرسه من سياسة الخلافة الأموية بعض أخبار الحجّاج أمير القسم الشرقي للبلاد الإسلامية يومذاك.
أ ـ الحجّاج في عصره :
لمّا استشهد الحسين (ع) ظهر ابن الزّبير بمكّة ودعا لنفسه ، وبعد موت يزيد بن معاوية سنة ٦٤ ه بايعه بالخلافة أهل الحجاز واليمن والعراق ومصر وتوابعها مع بعض بلاد الشام (٢).
وفي عام ٧٢ هجرية ولّى الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان الحجّاج لحرب ابن الزّبير وجهّزه بجيش من الشام ، وفي عام ٧٣ حاصر الحجّاج ابن الزّبير ومن معه بمكّة ، فالتجئوا بالحرم ، فنصب الحجّاج المجانيق ـ واحده المنجنيق ، آلة حرب شبيهة بالمدفع في عصرنا ـ على جبال مكّة ، وأخذ يرمي أهل المسجد بالحجارة والنيران ، وراجزهم يقول :
خطّارة مثل الفنيق الملبد |
|
نرمي بها عوّاذ أهل المسجد |
__________________
(١) تاريخ الكامل لابن الأثير ٥ / ١٦ في ذكر خلافة عمر بن عبد العزيز.
(٢) راجع ترجمة ابن الزّبير بتاريخ الإسلام للذهبي ٣ / ١٧٠ ـ ١٧٤ ؛ وتاريخ الطبري ، ط. أوربا ٢ / ٨٤٤ ـ ٨٤٥ ؛ والأخبار الطوال ، ص ٣١٤ ؛ والبداية والنهاية لابن كثير ٨ / ٣٤١.