يعني نرمي بها العائذين بالمسجد.
وجعلت الحجارة تقع في الكعبة ، حتّى انصدع الحائط الّذي على بئر زمزم عن آخره ، وانقضت الكعبة من جوانبها.
فرعدت السماء وبرقت ، وعلا صوت الرعد والبرق على الحجارة ، وقتلت الصاعقة اثني عشر رجلا فانكسر أهل الشام وأمسكوا بأيديهم ، فرفع الحجّاج بركة قبائه ، فغرزها في منطقته ورفع حجر المنجنيق ، فوضعه فيه ثمّ قال : ارموا ورمى معهم.
وجعل الحجّاج يصيح بأصحابه : يا أهل الشام : الله الله في الطاعة ، فجعل أهل الشام يرتجزون ويقولون :
خطّارة مثل الفنيق الملبّد |
|
نرمي بها عوّاذ أهل المسجد |
فنزلت صاعقة على المنجنيق فأحرقته ، فتوقّف أهل الشام عن الرّمي ، فخطبهم الحجّاج ، فقال : ألم تعلموا أنّ النار كانت تنزل على من قبلنا ، فتأكل قربانهم إذا تقبل منهم فلو لا أنّ عملكم مقبول ما نزلت النار فأكلته ، ثمّ أمرهم الحجّاج ، فرموا بكيزان النفط والنار ، حتى احترقت الستارات كلّها فصارت رمادا ، فجعل الحجّاج يرتجز ويقول :
أما تراها ساطعا غبارها |
|
والله في ما يزعمون جارها |
فقد وهت وصدعت أحجارها |
|
وحان من كعبتها دمارها |
ولمّا غلب الحجّاج على ابن الزّبير وقتله ، قطع رأسه وصلبه منكسا ، حتّى تفسخ جسده (١). وبعث برأسه ورءوس آخرين إلى الشام ، وأمرهم إذا مرّوا بالمدينة أن ينصبوا الرءوس بها.
وأراد الحجّاج أن يبرّر قتاله لابن الزّبير وما صنعت يداه في تلك الحرب
__________________
(١) راجع ترجمة ابن الزّبير بتاريخ الإسلام للذهبي (٣ / ١١٤ ، ١٧٠ ـ ١٧٤).