وفي الرّياض النّضرة : (لله درّهم إن ولّوها الأصيلع كيف يحملهم على الحقّ وإن كان السيف على عنقه) (١).
وروى البلاذري في أنساب الأشراف : أنّ عمر بن الخطّاب أمر صهيبا مولى عبد الله بن جدعان حين طعن أن يجمع إليه وجوه المهاجرين والأنصار. فلمّا دخلوا عليه ، قال : إنّي جعلت أمركم شورى إلى ستّة نفر من المهاجرين الأوّلين الّذين قبض رسول الله (ص) وهو عنهم راض ليختاروا أحدهم لإمامتكم ـ وسمّاهم ـ ، ثمّ قال لأبي طلحة زيد بن سهل الخزرجي : اختر خمسين رجلا من الأنصار يكونوا معك ، فإذا توفّيت فاستحثّ هؤلاء النّفر حتّى يختاروا لأنفسهم وللأمّة أحدهم ولا يتأخّروا عن أمرهم فوق ثلاث.
وأمر صهيبا أن يصلّي بالناس إلى أن يتّفقوا على إمام.
وكان طلحة بن عبيد الله غائبا في ماله بالسراة (٢) ، فقال عمر : إن قدم طلحة في الثلاثة الأيام ، وإلّا فلا تنتظروه بعدها وأبرموا الأمر وأصرموه ، وبايعوا من تتّفقون عليه ، فمن خالف عليكم فاضربوا عنقه.
قال : فبعثوا إلى طلحة رسولا يستحثّونه ويستعجلونه بالقدوم ، فلم يرد المدينة إلّا بعد وفاة عمر والبيعة لعثمان. فجلس في بيته وقال : أعلى مثلي يفتات! فأتاه عثمان ، فقال له طلحة : إن رددت أتردّه؟ قال : نعم. قال : فانّي أمضيته. فبايعه. وقريب منه ما في العقد الفريد ٢ / ٧٢. وط. دار التأليف ، القاهرة ، سنة ١٣٦٣ ه ، ٤ / ٢٧٥ ـ ٢٨٠.
__________________
ـ الاستيعاب ومنتخب الكنز ٤ / ٤٢٩ ، وجلح فلان : سار سيرا شديدا ، وجلح في الأمر : أقدم ومضى وركب رأسه فيه ، ويقصد منه الإمام عليّا.
(١) الرياض النضرة ، ط. ٢ بمصر ١٣٧٣ ه ، ٢ / ٩٥. والاصلع : المنحسر شعر رأسه ، وكان الإمام عليّ أصلع الرأس.
(٢) السّراة : الجبل الّذي فيه طرف الطائف ويقال لأماكن اخرى. معجم البلدان.