قالوا (١) : الرأي أن تلقى العباس بن عبد المطّلب ، فتجعل له في هذا الأمر نصيبا يكون له ولعقبه من بعده ، فتقطعون به ناحية عليّ بن أبي طالب (وتكون لكما حجّة) (٢) على عليّ إذا مال معكم.
فانطلق أبو بكر وعمر وأبو عبيدة بن الجرّاح والمغيرة ، حتّى دخلوا على العباس ليلا (٣) ، فحمد الله أبو بكر وأثنى عليه ، ثمّ قال :
إنّ الله بعث محمّدا نبيّا وللمؤمنين وليّا ، فمنّ عليهم بكونه بين أظهرهم حتّى اختار له ما عنده ، فخلّى على الناس امورهم (٤) ليختاروا لأنفسهم في مصلحتهم مشفقين (٥). فاختاروني عليهم واليا ولامورهم راعيا.
فوليت ذلك وما أخاف بعون الله وتسديده وهنا ، ولا حيرة ، ولا جبنا ، وما توفيقي إلّا بالله عليه توكّلت وإليه انيب.
وما انفكّ يبلغني عن طاعن بقول الخلاف على عامّة المسلمين يتّخذكم لجأ ، فتكونوا حصنه المنيع ، وخطبه البديع ، فإمّا دخلتم مع الناس في ما اجتمعوا عليه ، وإمّا صرفتموهم عمّا مالوا إليه. ولقد جئناك ونحن نريد أن نجعل لك في هذا الأمر نصيبا يكون لك ، ويكون لمن بعدك من عقبك ، إذ كنت عمّ رسول الله ، وإن كان الناس قد رأوا مكانك ومكان صاحبك (فعدلوا الأمر عنكم) (٦) على رسلكم بني هاشم ، فإنّ رسول الله منّا ومنكم.
__________________
(١) في نص الجوهري أنّ قائل هذا الرأي هو المغيرة بن شعبة ، وهذا هو الأقرب إلى الصواب.
(٢) هذه الزيادة في نسخة الإمامة والسياسة ١ / ١٤.
(٣) في رواية ابن أبي الحديد أن ذلك كان في الليلة الثانية بعد وفاة النبيّ.
(٤) إنّ ضمير (هم) موجود في رواية ابن أبي الحديد.
(٥) في نسخة الإمامة والسياسة وابن أبي الحديد ١ / ٧٤ : (متفقين) وهو الأشبه بالصواب.
(٦) الزيادة في نسخة ابن أبي الحديد والإمامة والسياسة.