آخر ، فقرأ قراءة سوى قراءة صاحبه.
فلمّا قضينا الصلاة ، دخلنا جميعا على رسول الله (ص) ، فقلت : إنّ هذا قرأ قراءة أنكرتها عليه ، ودخل آخر فقرأ سوى قراءة صاحبه.
فأمرهما رسول الله (ص) فقرءا ، فحسن النبيّ (ص) شأنهما ، فسقط في نفسي من التكذيب ، ولا إذ كنت في الجاهلية ، فلمّا رأى رسول الله (ص) ما قد غشيني ضرب في صدري ففضت عرقا ، وكأنّما أنظر إلى الله عزوجل فرقا.
فقال لي : يا ابيّ! ارسل إليّ : أن اقرأ القرآن على حرف. فرددت إليه : أن هون على امّتي.
فردّ إليّ الثانية : اقرأه على حرفين. فرددت إليه : أن هون على امّتي.
فردّ إليّ الثالثة : اقرأه على سبعة أحرف (١).
__________________
(١) صحيح مسلم ، كتاب صلاة المسافرين ، باب بيان أنّ القرآن نزل على سبعة أحرف. الحديث ٢٧٣ ، ص ٥٦١ وح : ٢٧٤ ، ص ٥٦٢ ـ ٥٦٣. فسقط في نفسي من التكذيب ولا إذ كنت في الجاهلية ، معناه : وسوس لي الشيطان تكذيبا للنبوّة أشدّ ممّا كنت عليه في الجاهلية. لأنّه في الجاهلية كان غافلا أو متشككا. فوسوس لي الشيطان الجزم بالتكذيب.
قال القاضي عياض : معنى قوله : سقط في نفسي ، أنّه اعترته حيرة ودهشة.
قال : وقوله : ولا إذ كنت في الجاهلية ، معناه أنّ الشيطان نزغ في نفسه تكذيبا لم يعتقده. قال : وهذه الخواطر إذا لم يستمر عليها ، لا يؤاخذ بها.
قال القاضي : قال المازريّ : معنى هذا أنّه وقع في نفس ابيّ بن كعب نزغة من الشيطان غير مستقرة ثمّ زالت في الحال ، حين ضربه النبيّ (ص) بيده في صدره ففاض عرقا. و (ضرب في صدري ففضت عرقا) قال القاضي : ضربه (ص) في صدره تثبيتا له حين رآه قد غشيه ذلك الخاطر المذموم قال : ويقال : فضت عرقا وفصت. بالضاد المعجمة والصاد المهملة. قال وروايتنا هنا بالمعجمة. قال النوويّ : وكذا هو في معظم اصول بلادنا. وفي بعضها بالمهملة. ـ