(ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ)(١) من باب التهكّم ، أي أنت الهين الذليل. وقيل : العزيز عند نفسك هين عندنا. وفي التفسير : «إنّ أبا جهل رآه رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال له : أولى لك. فقال : إني لكذا وكذا وإني العزيز» ، فنزلت قوله تعالى : (أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى)(٢) اسم صنم ، وكذا اللات اشتقّوها من لفظ العزّ. وقال قائل يوم بدر : إنّ لنا العزّى ولا عزّى لكم ، فقال عليه الصلاة والسّلام : «أجيبوهم : الله مولانا ولا مولى لكم» (٣). فأنزل الله تعالى ذلك (بِأَنَّ اللهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكافِرِينَ لا مَوْلى لَهُمْ)(٤). وهذه هي التي بعث رسول الله صلىاللهعليهوسلم خالدين الوليد فقطعها فخرجت منها شيطانة ناشرة شعرها ، وكان يرتجز (٥) :
ع ز ل :
قوله تعالى : (وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ)(٦) أي تنحّوا عني واتركوني. وقال ابن عرفة : أي فدعوني كفافا لا عليّ ولا لي. ولا يفهم هذا المعنى من هذا اللفظ. وأصل الاعتزال تجنب الشيء بأمارة وولاية أو غيرهما. وتارة يكون في الظاهر كالاعتزال بالبدن ، وتارة في الباطن كالاعتزال في الاعتقاد ؛ قوله : (وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَما يَعْبُدُونَ)(٧) / فهذا من الظاهر بالبدن لأنهم فرّوا منهم. وقيل : بالقلب. يعني : إذا خالفتموهم في معتقدهم فانجوا إلى غار تعبدون الله فيه. ويقال : عزلته واعتزلته وتعزّلته فاعتزل ؛ وأنشد للأحوص (٨) : [من الكامل]
__________________
(١) ٤٩ / الدخان : ٤٤.
(٢) ١٩ / النجم : ٥٣.
(٣) صحيح البخاري ، الجهاد : ١٦٤ ، المغازي : ١٧.
(٤) ١١ / محمد : ٤٧.
(٥) يقول (اللسان ـ عزز) وساقط من الأصل :
يا عزّ ، كفرانك لا سبحانك! |
|
أني رأيت الله قد أهانك! |
(٦) ٢١ / الدخان : ٤٤.
(٧) ١٦ / الكهف : ١٨.
(٨) الأغاني : ٢١ / ٩٥ ، والأول مذكور في اللسان ـ مادة عزل.