وقد كعب الثّدي كعبا ، وكعّب تكعيبا (١). وثوب مكعّب : مطويّ شديد الأدراج. وفي الحديث : «وجعل كعبك عاليا» (٢) أي شرّفك ؛ عبّر بذلك عن ثبات العزّ والشرف ودوامهما ، ومثله : ثبّت الله قدمك ، عكسه : أزال الله قدمه وأزلقها.
فصل الكاف والفاء
ك فء :
قوله تعالى : (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ)(٣) أي مكافئا ومساويا ونظيرا. يقال : فلان يكافىء فلانا ، أي يساويه. ومنه الحديث : «تتكافأ دماؤهم» (٤) أي تتساوى فيقاد العالم بالجاهل والشريف بالدّنيء. وهو كفؤك وكفيؤك وكفاؤك ، أي مساويك. وفي صفته عليه الصلاة والسّلام : «إذا مشى تكفّى تكفّيا» (٥) قد فسّره شمر بما لا يليق فقال : أي تمايل كما تتكفّأ السفينة يمينا وشمالا. قال الأزهريّ : وهذا خطأ. ومعنى التكفّؤ : الميل إلى سنن ممشاه ، وهذا كقوله : «كأنّما ينحطّ من صبب» (٦). قال : والتمايل يمينا وشمالا إنما هو الخيلاء. قلت : لا يريد شمر تفسير مشيه بتكفّؤ السفينة [يمينا وشمالا إنما يريد تفسير مطلق الميل وقوله : يمينا وشمالا ، تفسير لتمايل السفينة](٧) لا لتمايله عليه الصلاة والسّلام فوقع التشبيه في أصل الميل. وإنما قلت ذلك لأنه لا يظن بشمر مثل ذلك والعياذ بالله ، متى اعتقده كفر.
قال : والسفينة تتكفّأ أي تتمايل على سمتها التي تقصد ، وفي حديث علي كرم الله
__________________
(١) وفي الأصل : تكعب ، ولعلها كما أثبتنا.
(٢) وفي النهاية : (٤ / ١٧٩): «والله لا يزال كعبك عاليا» والحديث لقيلة ، وهو دعاء لها بالشرف.
(٣) ٤ / الإخلاص : ١١٢.
(٤) النهاية : ٤ / ١٨٠ ، والمقصود المسلمون.
(٥) هكذا روي غير مهموز ، وبعضهم يرويه مهموزا «تكفّأ تكفّؤا». وعينه إذا اعتلّ انكسرت (النهاية : ٤ / ١٨٣).
(٦) النهاية : ٣ / ٣ ، وفيه : « .. في صبب».
(٧) إضافة من النسخة د ، وبها يستقيم المعنى.