باب الفاء
ف :
الفاء حرف عطف يقتضي الترتيب والمهل عكس الواو وثمّ ؛ فإنّ الواو لا تقتضي ترتيبا و «ثم» تقتضي التّراخي. فأمّا قوله : (أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً)(١) فقيل : تعقيب كلّ شيء بجنسه ، وقيل : لأنّ أرض المخاطبين بهذه الصفة.
وتفيد السببيّة ، ولذلك جاز أن يعطف بها ما ليس صلة على ما هو صلة نحو قوله : الذي يطير فيغضب زيد الذباب. وتعطف ما هو خبر على ما ليس بخبر كقول الشاعر : [من الطويل]
وإنسان عيني يحسر الماء تارة |
|
فيبدو وتارات يحمّ فيعرق |
وتحذف بعدها «ربّ» كقول امرىء القيس» (٢) : [من الطويل]
فمثلك حبلى قد طرقت ومرضع |
|
فألهيتها عن ذي تمائم محول |
وتقع جوابا للشرط فتضمر بعدها «ربّ» أيضا كقول الشاعر (٣) : [من الوافر]
فإما تعرضنّ أميم عنّي |
|
وينزغك الوشاة أولو النّباط |
فحور قد لهوت بهنّ عين |
|
نواعم في المروط وفي الرّباط |
تقديره : فربّ حور ، فأضمرت بعدها ربّ مع كونها جوابا ، وهي وما بعدها في محلّ
__________________
(١) ٦٣ / الحج : ٢٢.
(٢) من معلقته ، الديوان : ٣١.
(٣) البيتان للمتنخل مالك بن عويمر ، وهما من شواهد ابن يعيش (المفصل : ٨ / ٥٣).