فصل الفاء والطاء
ف ط ر :
قوله تعالى : (فاطِرِ السَّماواتِ)(١) أي مبتدعها ومنشئها من غير مثال احتذاه. وفطرت البئر : ابتدعتها وحفرتها. وفطر ناب البعير : أي طلع. وأصل الفطر (٢) الشقّ طولا. وفطر يكون قاصرا ومصدره الفطور ، ومتعديا ومصدره الفطر. وقد فطرته فانفطر انفطارا ؛ قال تعالى : (السَّماءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ)(٣)(إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ)(٤).
وفطرت الشاة : حلبتها بإصبعين. وفطرت العجين : خبزته من فوره. وعن ابن عباس : «ما كنت أدري ما فاطر السماوات حتى احتكم إليّ أعرابيان في بئر فقال أحدهما : أنا فطرتها» أي ابتدأتها (٥).
وقوله تعالى : (تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ)(٦) أي يتشقّقن.
وقوله : (إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي)(٧) أي خلقني. قوله تعالى : (فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها)(٨) أي اتّبع فطرة الله ، وهو كقوله : (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ)(٩) أي اتّبع الدين القيّم الذي فطر عليه. وقيل : الفطرة : الخلقة التي يخلق المولود عليها في رحم أمّه ، وفي الحديث : «كلّ مولود يولد على الفطرة» (١٠) قال ابن المبارك : أي على ابتداء الخلقة في علم الله مؤمنا كان أو كافرا. قال أبو الهيثم : يعني على الخلقة التي فطر عليها في الرحم
__________________
(١) ١٤ / الأنعام : ٦ ، وغيرها.
(٢) في الأصل : الفطير ، ولعل الصواب ما أثبتناه.
(٣) ١٨ / المزمل : ٧٣.
(٤) ١ / الانفطار : ٨٢.
(٥) النهاية : ٣ / ٤٥٧ ، يعني ابتدأت حفرها.
(٦) ٩٠ / مريم : ١٩.
(٧) ٢٧ / الزخرف : ٤٣.
(٨) ٣٠ / الروم : ٣٠.
(٩) أول الأية السابقة.
(١٠) النهاية : ٣ / ٤٥٧.